الإنقاذ مرت من هنا
*في ظل غياب الاحتفالات الراتبة التي اعتادها السودانيون في مثل هذه الأيام من كل عام، حيث مرت ذكرى الإنقاذ رقم 25 دون أن يدق لها طبل أو يراق لها نشيد أو يشعل لها بخور، في ظل هذا الغياب الإنقاذي سجل بعض مناهضي الفكرة والثورة حضوراً على طريقتهم، حيث احتفل بعض اليساريين في هذا التاريخ.. بانفصال الجنوب وارتفاع الأسعار وتراجع الحريات..
*والمدهش أن الذين يبكون انفصال الجنوب، هم ذاتهم الذين أمطرونا بوابل من المواعظ مدى نصف قرن من النضال بأن الجنوبيين مواطنون من الدرجة الثانية، وأن حقوقهم مهضومة ولم يكتفي بعض الرفاق بهذا الهتاف فحسب، بل ذهب بعضهم يحل البندقية المناصرة القضية الجنوبية كما يحدث الآن في قطاع الشمال ولما تحقق ما يريدون من استقلال لرفاهم، ذهبوا في المقابل يسوقون إلى أن الإسلاميين هم من فرط في هذا الجزء العزيز، ولو أن الانفصال لم يقع لتاجر الرفاق بأعلام وشعارات (مصادرة حقوق الجنوبيين)، وما لم يقله الرفاق جهراً هو ذلك الوجع المكتوم بأن الرفاق الجنوبيين قد ضيّعوا هدية الانفصال وأجهضوا الأحلام بأن العهد والوعد المضروب، كان يقول بعد سقوط الجنوب في يد الرفاق يبدأ الشوط الآخر مباشرة من اللعبة الذي يتمحور في سقوط (السودان الشمالي) في يد قطاع الشمال، ثم بعد ذلك يلتئم سودان باقان مع سودان عرمان تحت لافتة (السودان الجديد) على أن يبحث الدكتور الترابي وإخوانه وتلامذته بعد ذلك عن وطن بديل أو أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثالثة.
*وثمة سؤال آخر لا يجرؤ الكثيرون على طرحه، لماذا ذهب لدولار الأمريكي إلى هذا السقف مقابل الجنيه السوداني وتقهقر إلى هذا الحد؟! ولو امتلكنا الجرأة لقلنا إن السبب الرئيس هو (عمليات الاحتراب) التي من جهة تأكل ما بأيدينا من مقدرات ومن جهة أخرى تفضي إلى عمليات عدم الاستقرار.
*ثم من الذي بيده مفاتح ماكنة الحرب ليوقفها بحركة واحدة! كثيرون يستطيعون فعل ذلك ليس من بينهم الحكومة التي يناشدونها ليل نهار لوقف الحرب، على أن قرار وقف الحرب يمتلكه (المجتمع) لو أراد، ثم الشغيلة الصغار في الإقليم وصولاً إلى الحركات المسلحة وأنصارها بالداخل والخارج.
*أجمل ما في هذه (التراجيديا) أن الإسلاميين حتى الأمس يحتفلون في منزل وزير الدفاع بفكرتهم الأولى، التي لم تعترف حتى الآن بتجزئة القضية، فإفطار الفريق عبد الرحيم قد ضم المجاهدين من أنصار غازي والترابي والمؤتمر الوطني!
*ربما كانت معجزة أن تظل الخرطوم حتى الآن أكثر أمناً من بغداد ودمشق وصنعاء والمنامة وربما القاهرة مع أن الكيد الذي يكاد لها والتربص هو أعظم من الذي يكاد إلى تلك العواصم مجتمعة.
*الإنقاذيون لم يغندروا حتى الآن على عملية إنفاق (خمسة وعشرون ألف شهيد)، ولا يزالون يقدمون الشهداء، سأكتب معكم نهاية الفكرة يوم أن يفشل القوم، قوم شيخ حسن في تقديم مشروع شهادة جديد.. تصبحون على خير..
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]