علاقات العمل.. ضرورة أم ضرر؟
من الضروري جدا ربط علاقات اجتماعية مع زملائنا في العمل.. لأن المكان الذي نعمل فيه ليس مجرد مكان روتيني إنما وسط يتحدَّث، وتتطور فيه لقاءات كثيرة.. صداقة أو حب أو حتى كُره بين الموظفين.. غير أن الصعوبة كلها تكمن في الكيفية التي يمكنك أن تفصل بها بين العلاقات العاطفية والعلاقات المهنية.
إنها ضرورة تفرض على المرء العامل في شركة أو إدارة ضرورية ثلاثية أول هذه الضرورة هو رغبة الفرد في الإحساس بإنتمائه إلى المجموعة وبالاعتراف بالوظيفة التي يؤديها، وثانيا رغبته في الشعور بأنه كفؤ، وبأن عمله يثير الإعجاب وثالثا وأخيرا إرادته بأن يشعر بأنه مقبول ومحبوب من قبل الأخرين.. هذه الأشياء الثلاثة هي التي تجعلنا نقيم علاقاتنا مع زملائنا في العمل..
إن المكان الذي نعمل فيه ماهو سوى جسم صغير من بين أجسام صغيرة كثيرة تُكوِّن هذا المجتمع, ففي مكان العمل يمكننا أن نقابل أصدقاء كما يمكننا أن نقابل فيه أعداء، بل أن هناك أشخاصا تعرفوا إلى شريك حياتهم في المكتب الذي يشتغلون فيه.. هناك موظفون يقضون عشر سنوات من حياتهم في شركة معينة وعندما ينتقلون إلى مكان عمل آخر فإنهم يحافظون على علاقات جيدة مع زملائهم في الشركة التي كانوا يعملون فيها..
إن مكان العمل بطبيعته هو مكان اجتماعي، وهو مكان يمكننا أن نقابل فيه أشخاصا نتقاسم معهم الاهتمامات نفسها، ومن الطبيعي أن نكون علاقة طويلة الأمد مع شخص يتقاسم معنا ساعات طويلة من حياتنا كل يوم.. لكن القرب أكثر من اللازم في إمكانه أن يجعل الهدوء والسلام اللذين ننعم بهما في العمل هشَّين جدا..
ما علينا أن نعرفه أيضا هو ما الحدود التي لا يجب أن نتخطاها.. وما المسافة الجيدة التي ينبغي أن نحافظ عليها بيننا لنتجنب أن يؤثر الجانب العاطفي في العلاقات المهنية؟
أيضا من الأسلم ومن الأفضل لموظف أو موظفة إذا وقعا في غرام بعضهما بعضا كضرب مثل.. فمن الأفضل للإثنين أن يعيشا عاطفتهما في سرية تامة، وألا يُبديا الأمر أمام أعين الزملاء الآخرين الذين قد يؤثرون سلباً في تطورها الطبيعي، كما عليهما أيضا أن لاينفردا ببعض داخل مكاتب الشركة.. وأن تكون العلاقة المبنية داخل العمل علاقة صداقة, وفي هذه الحالة.. أفضل نصيحة يمكننا إسداءها هي عدم خلط الحياة الشخصية بالحياة العملية والفصل بينهما جيدا، وهو أمر يصعب تطبيقه نظراً لتشابك العلاقات..
إننا نميل بسهولة إلى التكامل مع شخص يعمل في الإدارة ذاتها التي نداوم فيها وسرعان ما نبدأ في أن نتقاسم معه أشياء حميمة تتعلق بحياتنا الشخصية، وهنا يكمن الخطر.. إذ كيف يمكن الحفاظ على التوازن بين العلاقتين الشخصية والمهنية من دون أن تتداخل إحداهما مع الأخرى أو الذهاب بالعلاقة أبعد من اللازم.. فمن الأفضل بذل مجهود على المستوى الذاتي لمنع أي نوع من المبالغة في هذا الجانب أو ذاك.. ومن الأجدر بنا أيضا عدم قطع كل العلاقات الاجتماعية داخل العمل وألا نفتح قلوبنا أكثر من اللازم للآخرين في العمل، وألا نبحث عن صداقات في المكتب بأي ثمن بل يجب علينا أن نحتفظ باسرارنا لأنفسنا، فمن الممكن لهذه الاعترافات الشخصية أن تنقلب ضد صاحبها.. حيث يجب أن لا ننسى أن مكان العمل هو بالأساس مكان للاستيراتيجيات الشخصية والطموحات والمصالح الذاتية.. ويعرف أن مكان العمل هو جوٌّ يسوده التنافس أو الصراع من أجل الحصول على ترقية وإنعدام التضامن من قبل أشخاص ينطوون على أنفسهم بأنانية حتى لايساعدوا الآخرين.. ففي مكان العمل قد نقابل كل أنواع البشر، لكنهم لايظهرون لك طبيعتهم من الوهلة الأولى.. فقد يكون من بينهم مرضى نفسيون بالشك والظنون والحسد والغيرة والنفاق..
لذلك فإن الحفاظ على علاقات غير عميقة مع زملاء العمل واختيار أصدقاء ترتاح لهم نفسيا هو من أهم الثوابت.. وإن كان لابد لنا أن ندرك أننا لا نتحدث عن قواعد ثابتة في علاقاتنا بزملائنا في العمل بل علينا أن نفكر ملياً قبل أن ننسى أي علاقة صداقة أو حب أو زواج مع شخص زميل لك في العمل.. وأن نفكر في النتائج، وبالتالي أن نفكر في أسوأ الاحتمالات.. وأهم شيء أن ندرك أن مكان العمل ليس هو البيت، وأن الموجودين فيه ليسوا عائلتك، وإنهم قد يتحولون مع الزمن إلى أصدقاء دائمين لكنهم قد يتحولون أيضا إلى أعداء بطريقة لا تتخيلها إذا تعارضت المصالح..
كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي