لبنى عثمان

سياحة.. أم إقامة

[JUSTIFY]
سياحة.. أم إقامة

‫تتساءل دواخلنا كثيرا عن ماهية عنصر العشق.. فهل نعشق لأننا في حاجة إلى تغيير أم نعشق لأننا في حاجة إلى إجازة مشاعر؟..

‫فالحب طائرة تُقلنا إلى أرض لا نعرفها، مودعين عمرا آخر غير هذا العمر وأياما غير تلك التي مضت.. نمر بمحطات كثيرة.. مُكتزة بالكثير من اللحظات الخالدة والزائلة.. بعضها يمر بك مرور الكرام وبعضها تتشكل وتترسم كصور تذكارية، عندما تعترينا حالة الحب أو العشق فإنها تصعد بنا حتى الرأس.. ويصبح الرأس كألبوم الصور تزدحم فيه الكثير من اللحظات الحزينة والجميلة نزور عوالم كثير بأزمان مختلفة وبأحداث متنوعة مرت بنا. ‬

‫فبالنسبة للمرأة فإنها تعشق حالة الحب لأنها إحدى تراكيب شخصيتها الأنثوية ودائما تسعى إلى تقمصها والعيش بها.. تفضل أن تمارس هواية التنقيب والحفريات داخل رجل مهدم لتقف في الآخر على أطلال قلبه فتسكن بها في سكون ذاتي، عندها يحلو لها فن التخفي خلف شرفات أحاسيسه.. وتصبح مدققة لغوية لكل خطوات تقدمه نحو تناغم مآرب ومنافي الغرام الموقد الذي يسكن جوارحه الواهنة.. فلا خطوة تقدمه ولا مشاعر تدفعه وتسيره على وتر الحب المندثر.. ‬

‫يظل يجول بين جنبات الدجى المنفرج ظله والمُعتم أفقه بأنه مجروح يتلوع، خافقه يبكي خراب ديار ذاته ويندب رحيل أطيار سكونه.. هكذا حال العاشق الذي سكنه عشق امرأة بدلت حاله ولونت حياته وقلبت إمبراطورية قلبه..

وبرغم جميع تلك التحولات المؤذية والمفيدة إلا أن الرجل يسعد بتلك الحالة ويرحب بذلك الاستعمار المختلف.. غير عابئ إن كان مقيماً أم مجرد زائر سائح.. ‬

‫وأسطر هنا حال أحد أولئك الذين صالوا وجالوا ممالك العشق في بلاط أميرة عاشت خيالا في أراضي الحب لديهم‬

‫حين وصف، وقال: أُشاهدني في حب ظننته جزيرتي فتحول إلى حوت مجنون انقلب بي.. هذا الحب السياحي الذي توهمته سيسافر بي على أجنحته.. صار يطير بي من مكان إلى مكان كجريدة في مهب الريح حتى أصبحت في خبر كان.. ‬

‫فيا قلباً عشقت السياحة والسفر العاطفي.. زرني فقد أصبحت إهرامات من الحنان ومكعبات من الحب تذوب في الوجدان.. ‬

‫أصبحت شاطئا لكل حالم بشمس تُضيء ذهباً..‬

‫أصبحت مُتحفاً رمزه تمثال.. ‬

‫ويستطرد آخر:‬

‫أنا في الليل العتيق وحشة شكت دجاه العميق.. مرت بجنبه حائرة متسائلة: أأنت العصفور الذي كان بالأمس يرنو ويحلم بعش الهوى المنشود‬؟

‫يزرع الفرح بين سحابه ويبابه وهو يشدو؟؟‬

‫مالي أراك اليوم بين دروب الهوى حائراً ‬

‫مالي أراك الشك يعتصر فؤادك اعتصاراً‬

‫أحلق خلك في السما بعيدا‬

‫أم مضى مع الأيام وولى؟‬

‫أجاب الجريح بلكنة المكلوم بلهجة المكسور:‬

‫كيف لعاشق داسه الزمان‬

‫أن تنسى مقتله الدمع والأحزان‬

‫فهل كان من عاشق مثلي ذاق لجاج الهوى.. كم ذبت بسرها وسر الطرف الكحيل.

‫لكن كيف لمن كان فيه الغدر سجية أن يحفظ عهد الوفاء بيننا‬

‫فها هو اليوم عن سمانا ولى وباع الهوى الذي بيننا‬

‫فلا الألم يعيده ولا الأسى يرجعه؟.. وتلك كانت قصة الحب العميق الذي هوى بصاحبه الى رحلة فيها ذكرى وإقامة من جديد.. ‬

‫**إلى حلا **‬

‫انت النادر.. من الاعشاب الذاتية

‫ورحلة دواخل مليانة حنية ‬

‫انت الحب والحنان والضحكة الملائكية.. ‬

[/JUSTIFY]

كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي