لبنى عثمان

احتياج روحي

[JUSTIFY]
احتياج روحي

أدهشتني صراحتها كثيرا واندفاعها النفسي للبوح عندما تداعت أحلامها المشلولة الرؤى بين الخوف والذهول على حد تعبيرها.

وجدتني أستحضر كل حواسي الخمس في غمرة إحساسي باجتهادها في إخراج كل هذا الصقيع المترسب في نسغ عظامها المُقيم في ردهات روحها المُنهكة..

سألت نفسها في حيرة.. ماذا فعلت بي الحياة..؟

قالت: “ترددت أعماقي في الإجابة وعشت ساعات حيرى لا يسمعني فيها إلا آذاني ودار شريط عمري.. واسترجعت خلاله ألوان صراعي في هذا الكون”.. واستطردت.. “فأنا لم أحيا الحياة التي طالما تمنيتها وقد كان بالإمكان أن أحياها.. فكم من الفرص لم استغلها وكم من الأمنيات لم أتمكن من تحقيقها وكنت أظن لحظتها أن الانتظار سيأتي بالأفضل.. فطالما كان حلمي أمامي فسأكون لحظتها مطمئنة.. ولكنه لو هجر عيني وابتعد عن إحساسي.. سأندم..

أمسكت رأسها بكلتي يديها وهي تعتصر ذاكرتها وتقول: لا ليس الآن وقت رثاء حالي ولا حسابه.. لابد أن أجد إجابة شافية بعد أن عشت عمري أحب الخير لغيري كحبه لنفسي.. أنا لا ادعي الكمال لكني حاولت جهدي للوصول إلى أكبر قدر ممكن للمثالية حسب قدراتي وإمكاناتي ورغبتي بالعطاء ولم أكن أفكر في الأخذ..

بكل صدق اعترف أنني اكتشفت بعد فوات الأوان أن كل حساباتي كانت خطئا.. نعم أعرف أن هذه هي الحقيقة التي واجهت بها نفسي.. جاءت متأخرة ولا قيمة لها لأنها لن تعيد ما حدث ولا يوجد هناك مجال لأغير أو أحدد أين مني الحب والعدل والحنان والعطاء والأمان؟.. كلها معان لم أتذوقها أو اكتشفت أني كنت أحظى بالنسخة المقلدة غير الأصلية.. عشت أحلم بها وبتحقيقها في أمسي ويومي وسأظل أنتظر أن أعيشها في مستقبلي.. لو قدرت لي الحياة.. رغم علمي التام أن ما أفعله هراء وكلام ليس له أساس من الصحة.. لكنني سأفعل وأعيش أوهامي وأحلامي التي بنيت فيها قصوراً من الرمال.. لأنني لا أستطيع أن أبنيها من الأسمنت والحديد.. إلا إذا عشت عكس المعاني التي أؤُمن بها ..النفاق.. الخداع والكذب..

حاولت بإرادتي المتهورة أن أعيش سعادتي لكن نموها توقف.. كل ما حاولت فعله هو أن أكون دائما سيدة الموقف.. لأتمكن من معالجته لأنني لو تخاذلت سأصبح خادمة له.. وسيتغلب علي وقررت ألا أقف وأنا أشاهد الآخرين يسيرون ويعدون ويتقدمون.. فالأيام لن تتوقف بوقوفي.. سأدفعها دفعا لتحقيق راحتي واغتيال الحيرة من نفسي.. فعندما يستشعر الإنسان منا الأمان بالحب الذي يملأه.. يشعر بالتوافق والانسجام بين مكوناته الثلاثة النفس والروح والجسد.. ويصل إلى درجة الإلفة مع نفسه والشعور بذاته وبالتالي يحقق قمة الاتصال بالآخرين.. ويتمتع بنعمة البصيرة والإبصار ويتفهم ما بداخله ويتعمق فيما يحيط به..

ترى هل هو احتياج فطري أم هي محاولات لفك الحصار عن سعادتي.؟

فأنا أريد من يعيش معي.. أن يكون بداخلي.. من أراه وهو ليس أمامي.. وأسمعه وهو لا يتكلم.. أحسه وأنا ألمس الهواء.. فروحي معه تعبر كل الفواصل والحواجز والحدود.. من يشعر بأني كيان كرمني الله بالعقل والقلب والفكر والعاطفة..

أعرف إنني لم امتلك هذا الإحساس.. لكنه احتياجي لامتلاكه وإلى من أتآلف معه ومن انجذب إليه.. إنسان يملأني فرحة.. ويمدني بالسعادة.. إنني أدرك ذلك في خيالي وأسير طائعة راضية حتى يتحقق في واقعي.. فالحب هو صميم وجودي.. أريد أن أجد توأمي الروحي والتقي به وأتآلف معه بروحي ونفسي.. يُبهر عقلي ويمتلك كياني ويُرضي نفسي..

**أخر وتر **

أحتاج إلى من يطمئنني بصدق.. ويخبرني بأنني محور حياته..

[/JUSTIFY]

كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي