الإفطار مع أذان العشاء
أمس الأول كان يوما رمضانيا ساخناً جداً، كاد أن “يُدخِل” رمضان في العظم “من قولة تيت”، لذلك اتفقنا كأسرة أن نتناول إفطارنا على شارع النيل كنوع من التغيير الضروري في مثل هذه الأيام، فوافق جميع أفراد الأسرة على الفكرة، وسرعان ما تحول البيت إلى خلية نحل، كل يقوم بعمل ما حتى نبلغ شارع النيل قبل أن يحين موعد الإفطار بوقت كافٍ.
حملنا إفطارنا وها نحن في شارع النيل، اخترنا مكاناً بين بائعتي شاي، إحداهن صبية عشرينية وأخرى “حبوبة” أكل عليها الدهر وشرب، مددنا فرشاتنا وبسطناها على تلك المساحة بين “السيدتين”، وطفقنا نحصي الدقائق والثواني بانتظار أن يرفع الأذان فتبتل العروق ويذهب الظمأ، لكن يبدو أن الأمور لم يكن مقدر لها أن تسير كما خططنا لها، إذ بغتة وقبل الإفطار بدقيقة أو دقيقتين – تعالى صوت “ست الشاي” العشرينية وجارتها “الكبيرة” وانخرطتا في “شكلة ليها ضل”، استخدمتا في البداية سلاح اللسان فأطلقت كل واحدة ناحية الأخرى زخات من الشتائم التي تبطل الصوم وتنقض الوضوء.
قررنا أن نتدخل قبل أن يتفاقم الأمر وتتطور “الشكلة” إلى ما لا يحمد عقباه، و”بين صلوا على النبي واستهدوا بالله” كان الأذان قد مضت عليه “أكثر من ربع” ساعة، حاولنا أن نثنيهما عن المشاجرة وأن نصلح بينهما، لكنهما كانتا أكثر عناداً مما تصورنا، فتجاوزتا الألفاظ الفاحشة والبذيئة إلى الاشتباك بالأيدي والشباشب والكراسي، فما كان أمامنا إلا أن نتوسط لإنهاء هذا القتال بين الطرفين المتحاربين، وبعد لأي وجهد ومفاوضات عسيرة وهدنة سبقها وقف لإطلاق النار، استطعنا أن نجبرهما على عقد اتفاقية سلام، فكان لنا ذلك بأن وضعت الحرب أوزارها، وبعد التوقيع مباشرة ذهبنا إلى مائدتنا مع أذان العشاء، وبينما نحن نتناول الطعام (ونبل) عروقنا الظمأى. إذ بـ(ست الشاي الصغيرة) توجه كلامها لـ(الكبيرة) قائلة: (والله لو ما شفتك مرة كبيرة وقدر أمي، كان يكون عندي معاك كلام تاني)، فضحكنا من قولها معلقين أي نوع من الكلام هذا، بعد أن فعلت وقالت ما لا يمكن أن يفعل ويقال.
حزمنا أمتعتنا وقررنا المغادرة قبل أن تنشب معركة جديدة فنضطر إلى حضور السحور.
[/JUSTIFY]كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي