منصور الصويم

فول ساكت وفول زائد زول


[JUSTIFY]
فول ساكت وفول زائد زول

يحكى أن من قصص (مدافعة الكبرياء) السودانية المتداولة هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، قصة ذلك الأستاذ السوداني الذي يدرس بإحدى المدارس في دولة من دول الخليج، وتقول القصة إن هذا المدرس ولج الفصل ليجد أن طالبا مشاغبا كتب على السبورة (زول + فول =…؟)، وأن طالبا آخر نهض وسأل الأستاذ أن يجيب عن هذا السؤال قبل أن يبتدر حصته لهذا اليوم، وأن الأستاذ السوداني أحس بالغضب والمهانة وفار الدم في عروقه، لكنه أجاب بهدوء على السؤال (المستفز) وأفحم الطالبين المشاغبين وأراح جموع السودانيين المغتربين، والذين يتهيأون للاغتراب وأولئك الموجودين في السودان بالطبع.. فهي إجابة ذكية وضربة (معلم) بجد!

قال الراوي: قبل أن ننقل إجابة المدرس السوداني (المختلج) ننقل قصة أخرى لسوداني آخر مغترب أيضا في إحدى الدول الخليجية؛ وهي قصة حقيقة مئة في المئة داخل أحد المطاعم (السورية) في الدولة الخليجية. تقول القصة إن هذا المواطن السوداني دخل المطعم وطلب من (الكاشير) (واحد فول)، ويبدو أن الكاشير سأله عن نوعية الفول، فرد السوداني (فول ساكت)، فما كان من الكاشير إلا أن أجابه بدوره (لا عندنا فول بحكي بتكلم ينفع!).

قال الراوي: عودة لقصة المدرس السوداني وطلابه الخليجيين المشاغبين أو قل العنصريين، جاء رده مفحما لهم ومستفزا إلى أبعد الحدود حين قال لهم: “فول + زول = طبيب يعالجكم من أمراضكم، ويساوي مهندسا يبني لكم مساكنكم، ويساوي معلما يدرسكم العلوم ويزيل عنكم الجهل، ويساوي ممرضا يرعى مرضاكم، ويساوي..”.. الخ المهن التي تتطلب شهادات علمية ومعرفة فنية وتقنية ويجيدها السودانيون ونجحوا فيها فعلا في تلك الدول وأسهموا في نهضتها الحديثة بعملهم وجهدهم وتفانيهم.

قال الراوي: بين القصتين يبدو أن السودانيين يعانون من مآزق غريبة ومقصودة في دول الاغتراب العربية؛ الخليجية أو غيرها، فالسوداني في كل الأحوال سواء أكان إنسانا بسيطا أو متعلما عرضة للسخرية والترصد وفي متناول النقد لذاته والتهكم فقط لأنه سوداني، فبينما يتم التركيز (مثلا) على نطق حرفي القاف والغين لدى السودانيين يتم تجاوز خلل النطق لدى شعوب عربية أخرى واعتبار الأمر عاديا، كما يتم التركيز على الزي السوداني (الجلابية) باعتباره زيا فلكوريا طريفا و(بدائيا) في حين أن 90% من الشعوب العربية زيها (اليومي) هو هذه الجلابية مع اختلاف (التفصيل) فقط لا غير.. والكثير من الأشياء التي تحدث للسودانيين في كل يوم ولا تعبر إلا عن تصورات (إدانة) مسبقة تجاههم.

ختم الراوي؛ قال: ربما حدثت بالفعل قصة المعلم مع طلابه وربما أنتجها الذهن السوداني وهو يدافع عن (سودانيته) أمام هذا الهجوم المتجني.

استدرك الراوي؛ قال: (فول ساكت) قد تثير سخرية المواطن العربي، لكنه إن أراد لتمعن قليلا ولتفهم.. إن أراد!

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي