هيثم كابو

لا مقعد لميسي بسودانير


لا مقعد لميسي بسودانير
[JUSTIFY] * قلنا عند انطلاق صافرة مونديال البرازيل 2014 عبر هذه المساحة إنه لا فرق بين ضاحية (جبرة) الخرطومية وحي (لاباخادا) الواقع جنوبي مدينة روسايو الأرجنتينية في الاهتمام بمباريات المونديال والدوري الأسباني وصراع برشلونة وريال مدريد بغية الوصول لسدة الحكم الرياضي، فإن كان (أبناء لاباخادا) يظنون أنفسهم الأكثر اهتماماً بسيرة ومسيرة الأسطورة ميسي بوصفه أحد أبناء الحي الذي ولد فيه الجوهرة الارجنتيني، فإن (أولاد الخرطوم) بل وأطفالها يعرفون عن رحلة ميسي مع المستديرة وحياته الخاصة وطفولته وصباه مالا يخطر على بال أكثر الأرجنتينيين اهتماماً بكرة القدم..

* وضعت معشوقة الملايين الجميع على طاولة متابعة واحدة، كما أن الطفرة التقنية والنهضة التكنولوجية والإنترنت والعالم الكبسولة والسماء المحشو بالأقراص والتسابق الفضائي المحموم والقفزة الإعلامية المذهلة جعلت حظوظ الجميع واحدة في المتابعة الحية والشهقات الـ(live)، دون الحاجة إلى انتظار أستاذنا الإعلامي المخضرم مأمون الطاهر كي ينقل لنا أجواء التنافس الساخن وتصريحات المدربين ما بين الوعيد والتهديد يوم الجمعة من كل أسبوع قبل انطلاق مباراة مهمة بكأس العالم أو قمة أوروبية و(ديربي) من العيار الثقيل..!!

* تابع السودانيون مباريات المونديال مع ارتفاع قيمة جهاز قناة (بي إن سبورت) صاحبة حقوق البث بالمنطقة عبر وسائل شتى رغم الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والضغوط المتواصلة على الأسر الكادحة والفقيرة ومتوسطة الدخل في توفير (لقمة العيش الحلال) في ظل غلاء فاحش وأجور متواضعة وسوق يفتح فكه ليلتهم الجيوب تباعاً دون رحمة، فجدول الأولويات المزدحم تتصدره (حَلَة الُملاح) و(مصاريف المدرسة) و(حق الفطور) و(دواء الأولاد) و(“بامبرس” الأطفال) .

* اعترتني حالة من الحزن لنجاح الألمان في الظفر بلقب المونديال الذي تمنيته أرجنتينياً خالصاً، ليس حُباً في (فتية التانغو) ولكن تقديراً للحبيب ميسي الذي أسعدنا في السنوات الماضية أيما إسعاد نحن معشر (البرشلوناب) وبعد (هاتريك) الكرة الذهبية كنا نحلم بتتويجه مساء الاثنين الماضي على مستوى المنتخب بـ(سيد الألقاب)..!!

* إن كان حُزني على خسارة منتخب ميسي للقب رغم اختياره أفضل لاعب بالمونديال كبيراً، فإن تلبيتي لدعوة شركة طيران الإمارات لحضور المباراة النهائية برفقتهم بفندق السلام روتانا ضاعفت أحزاني.. (وليس في الأمر عجب)..

* نعم، تلبيتك لأية دعوة لخطوط طيران شاهقة النجاح كطيران الإمارات ينبغي أن تسعدك لأنها تضعك مع التميز وجهاً لوجه، كيف لا و(الناقل الإماراتي الفخيم) تطور بسرعة الإفلات في فترة وجيزة جداً ما بين انطلاق أول رحلاته من دبي إلى كراتشي في الخامس والعشرين من أكتوبر 1985 وصولاً لطلبه في نوفمبر من العام الماضي شراء 150 طائرة (بوينج 777X) بالإضافة إلى حقوق شراء 50 طائرة أخرى من الطراز ذاته، ولكن لعنة الله على (فشل) ناقلنا الوطني (سودانير) الذي لا يُهديك فرحاً، ويظل كابوس سقوطه المريع يسيطر عليك في حِلك وترحالك، فيحرمك من متعة مشاركة الآخرين نجاحهم!.

* تأخرت والصديق الحبيب محمد عبد القادر رئيس تحرير الزميلة (الأهرام اليوم) عن الحضور في ميقات الدعوة، لتأكيد حقيقة أننا من البلد التي أنجبت (سودانير)، استقبلنا الزميل علي سلطان والمهندس عبد العزيز الحاي مدير العمليات التجارية، وقضينا برفقة عدد من الزملاء وقتاً ممتعاً لم يفسده شيء سوى فوز الألمان والتحسر على حال الخطوط الجوية السودانية..!!

* فقدنا (خط هيثرو) ومن قبله ثقتنا في الناقل الوطني، وتراجعت سودانير بصورة مثيرة للدهشة والشكوك، ولم يعد لنقد أوضاعها أو الحديث عن تجاوزات أي معنى، فالشركة التي كنا ننتظر منها منافسة خطوط الطيران العالمية أصبح أهم وأغلى ما تملكه المبنى .

* لو قامت سودانير بإيجار مبناها (الناصية) بشارع عبيد ختم، ومنحت موظفيها إجازة مفتوحة فإنها ستحقق أرباحاً يستفيد منها السودان أكثر من استمرارها في الطيران .

* شكراً نبيلاً لطيران الإمارات الذي بات مارداً عملاقاً يُشرِف العرب ويسبح في فضاء النجاح بثبات، وعفواً لأن حال سودانير لم يجعلنا نتذوق طعم الأنس مع عاصم البلال والفاتح وديدي وحسن البطري وعبد العظيم صالح مع أنها كانت (جلسة غير).

* إنتو يا ناس سودانير.. لا عندكم رحلات لا مشاهدة مباريات..؟

نفس موشح بالسواد

* فُجعت البلاد أمس بنبأ رحيل قيثارة الإبداع السوداني و(ملك الكمان) العبقري محمد عبد الله محمدية الذي يمثل فصلاً كاملاً من بديع جمال الموسيقى، ويظل تاريخ الفن السوداني بالبلاد واحداً منقوصاً لا يكتمل إلا به .

* رحل محمدية صباح أمس بعد معاناة مع مرض السرطان اللعين، تاركاً في النفس حسرة، وفي الحلق غصة، وفي العين دمعة، وفي الفن فراغا لا يسد، وفي البلاد حزناً ممتدا .

* غداً نكتب عن محمدية وسيرته الإبداعية، ونفرد له مساحة (عريضة الألم) بقدر الحزن الدافق في النفوس، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة.. (إنا لله وإنا إليه راجعون) صدق الله العظيم .

نفس أخير

* ولنردد خلف د. عمر محمود خالد :

كل يوم بيرحل حبيب

وكل يوم نجمة بتغيب

وكل يوم نسمة بتخيب

وكل يوم صيوان موشح بالنحيب

والعصافير قاعدة ترحــــــل

لا بتودع ولا بتســـأل

نحن راضين بي قدرنــــا وبي رزقنا وبي عمرنـــا

والخطـــاوي الليهــا سرنـــــــا

إلا بس لاحظنــــا إنو

الناس بقت بي سرعة ترحـــل

والبيرحل هو اللي الأجمل واللي أنبــــل

هـــو اللي أفضــــل

[/JUSTIFY]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي