أحمد هارون.. خلوني النقص دربه
زولاً سرب سربه.. خت الجبال غربه
أدوني لي شربه .. خلوني النقص دربه
كثير من التراثيات في مجتمعنا الشفاهي الذي لا يحفل بالتوثيق، تستطيع أن تقرأ بها واقع الحال، وبين يدينا هذه التراثية الأثيرة التي أنتجتها ذات موسم مترع بالأدب والدهشة بادية كردفان.
وإذا ما وقفت مليا أمام شطرة باهرة في هذه الأهزوجة، سينشطر قلبك معها وهي ترسخ لمكابدة الترحال.. (كباشي كان برضى توصلنا ود بنده) ولم يكن كباشي يومها إلا سائق (عربة لوري) أكل عليها الدهر وشرب، واللهفة أن يحمل القصيدة وصاحبها إلى (ود بندة) ثم معاناة الماء التي رسختها دلالات مفردة (الدونكي) التي توفرت بغزارة في الأشعار الكردفانية، وبين يدينا هنا شطرة (أدوني لي شربه)، وفروا لي الماء، ثم اسألوني من إنجاز كل المهام..
*فأزمة (الطرق والمياه) في ولاية كردفان الشمالية لا تحتاج إلى (درس عصر) وتقارير حكومية، سيما لرجل في مقام (رجل القانون والفكر والابتكارات) الوالي القاضي الأستاذ أحمد هارون، خاصة وأنه عاش أزمات كردفان الكبرى، بدأ بجنوبها المضنى وانتهى بشمالها المنهك، والقصة أقرب لمقاربة (الدانة والدونكي)، مفارقة (الحرب والعطش)..
* وشمال كردفان التي رزحت كثيراً تحت وطأة (فقر الأخيلة) وقلة حيلة الابتكارات، كانت بالفعل تحتاج لرجل بدرجة (مطلوب للجنائية الدولية)، ولعمري لم يطلب الرجل من هناك، إلا لأنه يمتلك بعض رؤية لقلب الموازين رأساً على عقب، أو قل يمتلك من الحصافة ما يرهق (المجتمع الدولي) الذي لم يكن إلا القوى الصهيونية التي تعمل المستحيل ليظل السودان تحت ظل الفقر والمسكنة (والفصل السابع) فأي اجتهاد يفضي لصناعة الحياة والغذاء والأمن يعني رحيل (المنظمات الإنسانية) التي جيء بها لتطعمنا وتسقينا وتحمينا، وهي بالأحرى غير قادرة على حماية أفرادها.
* للذين يقرأون بتطرف، أنا هنا لا أصنع جسراً من الكلمات الوردية لأعبر عليها إلى إحدى وزارات ومحليات الرجل، ولا أطمع في شهر الصيام ولا بعده إلى شيء من حطام الدنيا الفانية، غير أني أجتهد على طريقتي في أن أقول للرجل أحسنت، وأنت تصنع من اللاشيء شيئاً، ومن الاستكانة عزيمة كما ود المكي (ابن الأبيض) صاحب.. سندق الصخر حتى يخرج الصخر لنا زرعاً وخضرا.. ونروم المجد حتى يكتب الدهر لنا اسماً وذكرى..
* أخي أحمد هارون هنالك ولاة آخرون رضوا أن يحتبسوا جماهيرهم بين قوس (إن هذه الولاية فقيرة ولا يمكن فطامها من ثدي المركز).!
* أخي أحمد.. أنت تعلمنا اليوم درساً جديرا بالتعميم والاستذكار، هو أن بإمكان جنيهات (ستات الشاي) أن تبني طرقاً ومجداً، لطالما اجتهدنا هنا كثيراً لإضافة شرط صغير لمؤهلات الولاة، أن يكون (صاحب خيال وإرادة) وألا يكون (فقير مشاعر).. فالمشروعات الكبيرة تبدأ بالفكرة وتنتهي بالإرادة.
* أخي طبت في اللاحقين المجتهدين والحمد لله رب العالمين.
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]