أبناؤنا الأعزاء.. وشكرا!
هل يمكن أن يكون الأبناء مصدرا لشقاء الأسرة على الدوام؟.. وإلا لماذا تجأر بعض الأسر بالشكوى من أبنائها وبناتها المقبلين على الحياة بدعوى أنهم يعيشون طفولة “متأخرة بعيدا” عن الإحساس المفروض في أعمارهم بالمسؤولية.
فيظلون عبئا على أهليهم طوال مراحلهم الدراسية وحين التخرج _ الذي في الغالب تتبعه فترة ممتدة من العطالة _ وحتى بعد الزواج. حيث يفتقر معظم الأبناء الآن للإيمان المطلق بالزواج كعلاقة مقدسة أو مؤسسة اجتماعية تتطلب إدارتها الكثير من الحنكة والسياسة والصبر والتضحيات.
بعض مشاكل أولئك الأبناء قد تبدو ثانوية لا تطفو إلى السطح غير أنها في حقيقتها تنخر في كيان الأسرة كالسوس، وواحدة من تلك المشاكل تتمثل في غيرة الأبناء من بعضهم البعض، أو في ذلك العداء الذي يشوب العلاقة بين البنات والصبية.. إحدى صديقاتي تشكو من غيرة ابنتها غير المبررة من أخيها الصغير.!!
فرغم أنه يصغرها بست سنوات إلا أنها لا تزال تفسر أي اتجاه نحوه من الوالدين بأنه نوع من المحاباة والدلع الذي لا يلزم في نظرها.. وتظل تنتقده وتسخر منه وتستفزه دون سبب واضح. وكانت الأم تعتقد أن تقدم الابنة في العمر سيعالج هذه الأزمة، بيد أن الابنة تخرجت الآن من الجامعة ورغم أنه كان يستوجب عليها أن تصبح أما أو صديقة لأخيها الوحيد، إلا أن الواقع غير ذلك.. فهي لا تزال تمعن في إبعاده عن تفاصيلها وتصد كل محاولاته للتقرب منها حتى إنه أصبح في كثير من الأحيان يغضب ويثور فيتصاعد بينهما الموقف حتى يتحول إلى مشكلة تستدعي تدخل الأب الذي غالبا ما يقف إلى جانب الابن متهما الابنة بالظلم، فتصبح بذلك أشد إصرارا على صدق اعتقادها بتلك المحاباة وتنفر بعيدا من الوالد.
وبهذا تكون صديقتي ضائعة بين كل الأطراف وفي كل الأحوال.. وهكذا دواليك!! فماهو الحل.؟
# نوع آخر من مشاكل الأبناء التي لا تنتهي، يتعلق بالبنات اللائي تجاوزن سن الزواج.. ولا أعرف لماذا دائما يناصبن أمهاتهن العداء وكأنهن السبب في معاناتهن من تلك العنوسة رغم أن الأخيرات يكن أشد الجميع تعاطفا معهن.!؟
سيدة مجتمع وقورة صارحتني بما بدأت تلحظه من إكثار ابنتها الكبرى في استخدام الهاتف!.. واستبشرت هي خيرا في بادئ الأمر على أمل أن يكون هناك مشروع عريس مرتقب للابنة الناضجة.. إلا أن الأمر طال وتمدد واكتشفت أن الطرف الآخر ليس شخصا محددا، لكنهم كثر. لتصدم المسكينة بواقع أن ابنتها (الدكتورة) تمضي وقتها في التسلية بالونسة مع الشباب، وتنفق في ذلك الكثير من الوقت والمال لصالح شركة الاتصالات المحظوظة حتى بلغت حد الإدمان. وكلما حاولت هي ردعها عن الأمر ثارت الابنة بدعوى أنها كبيرة وناجحة وناضجة بما فيه الكفاية لتدير حياتها وتفعل ما تراه هي صوابا.. ما دام أنها لا تزال حرة دون قيد، وكأنما أصبح الزواج هو القيد الاجتماعي والأخلاقي الوحيد.. الأم تؤكد أن ابنتها تمر بمرحلة حرجة من اليأس والاكتئاب وتأمل في أن تشفى منها قريبا وحتى ذلك الحين لا تكف عن القلق والخوف والدعاء لها بالستر و(السعد البلا وعد).
# نموذج آخر وليس أخيرا لشاب بائس فقد طموحه في كل شيء وآثر النوم وادعاء التعاسة وسوء الحظ على السعي والاجتهاد ليكون بذلك عبئا ماديا واجتماعيا على أسرته.. وليته يرضى.
فـ(البرنس) ساخط على كل شيء.. نوع الطعام.. وشكل الحياة.. والتعامل.. يرى في أي سؤال إهانة لا يرضاها.. وفي أي اتصال ملاحقة واشتباه في سلوكه يطال كرامته المقدسة.. يقضي سحابة النهار في الفراش، وينفق ساعات ليله عند النواصي وفي الحفلات وربما (الغرز).. ويتشدق بالحديث عن الإحباط والبلد الملعون و(الجلك) القاسي و(الحاجة) التي لا تقدر قيمته كابن مميز كما يجب..!! وعجبي.
# تلويح:
أبنائي الأعزاء.. رجاءا.. لا تجعلوني أعض أصابع الندم يوما.. بأن كنت سببا في خروجكم إلى الحياة لتفعلوا كل هذه الأفاعيل وتتبنوا تلك الأفكار الغريبة التي قد تقودكم إلى النار والعياذ بالله.. هداكم الله وعافاكم وأعانني عليكم بالصبر والثبات.. فأنتم مولودون لزمان غير هذا.
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي