الطاهر ساتي

عيد الأمل ..!!

[JUSTIFY]
عيد الأمل ..!!

:: الدنيا عيد، والعيد فرح، والأمل دوماً مفتاح الفرح.. ولويس الرابع عشر، لم يكن شجاعاً فقط، بل كان ذكياً وحكيماً أيضاً، وكان يجتهد في تعليم رعيته بياناً بالعمل..جاءه الحرس ذات يوم بمدان، فحكم عليه بالإعدام ثم أمر بحبسه لحين موعد تنفيذ الإعدام.. ذات ليلة، تفاجأ السجين بلويس زائراً، فتهيأ للإعدام، إلا أن لويس خاطبه مطمئناً : ( لا، ليس الآن، فجر الغد هو موعد التنفيذ، ولكن جئت لأمنحك أمل النجاة من حكم الإعدام) ..ثم إستطرد شارحا أمل النجاة : ( بزنزانتك ثغرة في مكان ما بلاحراسة، ويمكنك الخروج عبرها، وعجزك عن العثور علي الثغرة في هذه الليلة يعني تنفيذ الحكم عليك مع شروق شمس الغد )..هكذا أعطاه أمل النجاة، ثم غادره بعد أن أمر الحرس بفك قيوده..!!

:: لقد فرح السجين.. لويس لا يكذب.. وشرع يبحث عن الثغرة، وهي ( أمل النجاة).. رأى قطعة سجادة بالية في ركن من أركان السجن، ورفعها و إذ بفتحة بسلالم تحت السجادة..سلكها بلاتردد، والسلالم تصعد وتهبط في دهاليز غرف مظلمة تحت الأرض..ولكن، عند نهاية السلم الأخير وجد حراساً يترصدون، فعاد الى حيث كان (متعباً)..ولم يكل، وشرع يحفر جدران السجن ويختبرها بخلع صخورها، عسى ولعل يجد مخرجا آخر، فالملك لا يكذب..وتفاجأ بصخرة يمكن تحريكها، وحركها ليجد سرداباً ضيقاً بحيث لن يسعه ماشياً، ولذا سلك درب السرداب زاحفاً.. زحف حتى كلت سواعده وأدمت ركبتيه، وفي النهاية وجد نافذة موصدة بالحديد، فعاد الى حيث كان مرة أخرى زاحفاً و (مرهقاً)..!!

:: وهكذا .. حتى الفجر، لم يدع السجين صخرة في جدار الزنزانة و إلا حركها، ولم يجد فوهة سرداب إلا سلكها، ولكنه كان في آخر المطاف يعود الى زنزانته مرهقاً بلا جدوى..أشرقت الشمس، فجاء لويس في الموعد، ووجد السجين مرهقا ودامياً من أثر البحث عن (أمل النجاة).. وخاطبه السجين بيأس وحزن : ( ما عهدتك إلا صادقاً أيها الإمبراطور، ولكنك لم تصدق معي، لم اترك صخرة على جدار الزنزانة إلا وقد حركتها، ولم اترك مساحة على أرض الزنزانة وإلا حفرتها وسلكتها، ومع ذلك لم اجد ثغرة النجاة)..فأمر لويس شرطته بإعدامه، ولكن بعد أن خاطبه : ( عندما غادرتك ليلة البارحة لم أغلق باب الزنزانة، لقد تركته مفتوحاً، ولم يكن خلف الباب حراساً)..!!

:: تلك من حكم لويس الرابع عشر، وهي ذات مغزى..فالسجين لم يفكر لحظة في أن تكون ثغرة النجاة بكل هذا اليسر لحد فتح باب الزنزانة والخروج..بل، صب كل تفكيره في أن تكون ثغرة النجاة شائكة وذات متاريس و سلالم وغرف مظلمة وعقبات ودهاليز..وبهذا التفكير، ظل يكسر الصخور ويحفر الحفر طوال ساعات الليل بلا جدوى..وهكذا الإنسان دائماً.. نعم، طرائق تفكيرنا هي التي تحدد مسار حياتنا.. وعقولنا هي التي تهبنا (أمل الفرح)، وكذلك هي التي تقيدنا ب (سلاسل الحزن)..وكما تفرح بعيد هذا العام، فلا تكتئب لحالك على مدار العام، ولا تحزن لظرفك ما دمت حياً..فأنت تبصر بفضل الله، و غيرك أعمى بقضاء الله..وتمشي بعون الله، وغيرك مُقعد بقدر الله..وتُميز الخبيث من الطيب بمخافة الله ومحبته، وغيرك ضال بفعل الشيطان.. أو هكذا علينا أن نشكر الله على أفضاله ليزدنا أفضالاً، وبالشكر وحده تسري في قلوبنا وعقولنا (روح الأمل)..و بروح الأمل وحدها نستقبل ( العيد والحياة)..!!

[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

تعليق واحد