داليا الياس

الرجل الساندوتش

[JUSTIFY]
الرجل الساندوتش

# نوع غريب من الرجال.. تتحفظ عليه النساء, ويفكرن طويلاً قبل الارتباط به, وإن كان بعضهن يقدمن التنازلات عن هذا التحفظ في حال توفر لديه المال الكثير الذي يساعدهن على تجاوز عيبه الكبير، إنه ببساطه رجل قابل للكسر.. يظل أبداً تحت السيطرة.. والحياة معه مرهونة بقرارات الآخرين.
هو غير مستعد لتحمل أي مسؤولية.. لأنه نما مدللاً منعماً في كنف والدته.. وظل دائماً (ود أمو).. لا يرفض لها أمراً ولا يجرؤ على تجاوزها في كل شؤون حياته.. ولا يرى الدنيا إلا عبر عينيها, وحتى بعد بلوغه مبلغ الرجال تجده لم يتحرر بعد من تلك السطوة ولا يزال بأعماقه طفلاً يتلذذ بتدليل والدته ويركن له.
#وكثيراً ما يتم اختياره لشريكة حياته وفق معطيات الوالدة أيضاً! فهي التي تبحث وتتقصى وتنقب له عن زوجة تتوافق مع قياساتها وأهوائها هي في المقام الأول, بغض النظر عن مدى ميوله وتوافقه النفسي والعاطفي وحتى الفيسيولوجي معها.
فالزواج مفروض عليه كخيار غير قابل للتفاوض, وهو نفسه يذعن له لأنه لا قبل له بالجدال أو الاعتراض ولا يرى فيه كحدث أكثر من شكل جديد من أشكال الحياة التي ظلت أمه تقررها عليه وتختارها له ولا يرى هو فيها ضيراً.
#هكذا رجل.. لا تحتمل أي امرأة الحياة في كنفه طويلاً ما لم تغير فكرتها عن الزواج كلياً أو تكون لها أجندتها الخاصة التي تريد تنفيذها عبر ذات الأم. وهو دائماً واقع بين سندان زوجته ومطرقة أمه.. في حالة من الركون والاستسلام الدائمين.. ويكتفي بدور المتفرج حالما نشبت الحرب بين القوتين العظميين لفرض السيطرة عليه وعلى حياته, وهي الحرب التي يكون الخاسر الوحيد فيها في كل الأحوال (هو).. ليبدأ بعدها مشواراً من المباحثات والترضيات وتقديم التنازلات تزيده ذلاً على ذله وتكسر ما تبقى منه.
# لا يمكن لأي أحد أن يطالب أي رجل بالتمرد على أمه.. ليس من باب الحب والأدب فحسب ولكن من باب الدين أيضاً, كما لا يمكننا أن نطالب الأم بأن تغير طريقتها ومشاعرها تجاه ابنها بين ليلة وضحاها.. ولكن يمكننا على استحياء- أن نتوسل للزوجة التي اختارت الارتباط بهكذا رجل، وهي تعلم مدى ارتباطه بأمه أو حتى فوجئت به لاحقاً أن تجتهد في وضع تصور منطقي مناسب لتسيير حياتها الزوجية في هذه الأجواء. ورغم إصراري على فداحة العيش في ظل رجل هو في الأصل ظل للآخرين بما فيهم والدته, إلا أنني أستعيد أمومتي لبعض الوقت وأضع نفسي في مكان تلك الأم وأراني بعين الوهم أتصور ما يمكن أن يكون عليه حالي عندما يهم ابني بالزواج بعد كل ما بذلته معه وما غمرته به وما أسقطه عليه من أحلام وما علقته عليه من آمال؟!
إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الابن نفسه أحياناً لا يتوقف ليتأمل ما يجب أن يكون عليه من حكمه وتوازن في العلاقة بين الطرفين.. والمدهش أنه كثيراً ما يخرج عن سيطرة أمه ليدخل تحت سيطرة زوجته بذات الإذعان، فلا يتجاوز الأمر طقوس نقل الملكية ويظل (في الحالتين هو الضائع).
# كل المشاهدات والنتائج تؤكد أن (ود أمو) سيتحول عاجلاً أم آجلاً إلى (جوز الست).. دون أن يشعر بأبعاد رجولته المستقلة على مدى عمره.. ثم تنتقل السيطرة جزئياً لأبنائه الذين يوكل جميع أمرهم لوالدتهم ويكتفي بالمراقبة أو التضامن الخفي معهم كونه لا يستطيع أبداً أن يعلن مواقفه الشخصية حتى لا يضطر للدخول في حرب جديدة لا قبل له بها.. فالحياة لديه ليست أكثر من نومة طويلة لا يصحو فيها إلا ليقدم فروض الولاء والطاعة لإحدى السيدتين الأوليين في حياته دون تحديد لأنهن منشغلات بتحديد أولوية كل منهن بطريقتهن الخاصة المغلفة بالكثير من الدبلوماسية والمبطنة بالعداء السافر بين والدة متسلطة وزوجة سليطة.
#تلويح:
لا تتزوجي رجلاً يرغمك على أن ترهني حياتك لأهله مهما حدث.. أُتركيه هو لهم كيف ما شاء.. ولكن لا تتنازلي عن حقك في تقرير مصيرك.

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي