بانوراما.. عيد في الذاكرة “1”

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] بانوراما.. عيد في الذاكرة “1” [/B][/CENTER]

“يمة أديني قيرمة”.. قريمة يعني حتيتة.. قطيعة من اللقيمات القاعدة تعوسي فيهن ديل.. أمي عجنت العجين.. الليلة اللقيمات من في الليل.. في ضو الفانوس.. الفانوس عندو مشكلة هندسية.. إنو أقل حركة قاعد يطفي.. وقدر ما انتظرنا الحلب يجو ويصلحوهو لينا.. ما جو.. مشكلتو ما كبيرة.. وما محتاجة لتقنية عالية ولا لمهارات فنية خارقة.. ولكن كان التعامل معاهو زي الكأننا بنتعامل مع محطة من محطات كهرباء العاصمة.. مرة بقا( بقا أي ارتفعت شعلته فجأة وقالت بق) وقرب يحرق أختي الصغيرة علا ربنا لطف.. ساج اللقيمات مختوت فوق تلاتة حجار.. ( وهي الأثافي بالعربي الفصيح).. مملوء بالزيت.. قالت تششششش.. لما أمي ترمي اللقيمات.. أجمل نغمة أسمعها في حياتي.. وأجمل من تششششششش ما في.. تش أجمل منها غير تشششش حقت التلفزيون.. لما أول مرة اشترينا تلفزيون وفتحناه لأول مرة.. تملكتني الدهشة من نعلات (الشدة).. نعلات مصنوعات من البلاستيك جديدات جابن لي أبوي للعيد.. أكثر ما يعجبني وخفت أن يفتتني في دنيتي هو درب الشدة.. اترها… كنت ألبس الشدة وأنا ماشي وأعاين لما ترسمه من أتر في الواطا… وأكتر ما كدر علي متعة العيد.. جلابية العيد.. كانت جلابية قماش دبلان.. ولكن المصيبة كانت بداية الطاقة.. طاقة القماش(اللفة الكاملة) وكان مكتوب عليها بالإنجليزي (ميدان انقلاند).. صنع في انجلترا.. وعند تفصيل وخياطة الجلابية كانت الكتابة تغطي معظم منطقة الضهر.. لم يحاول الترزي أن يجعل الكتابة بالداخل.. وقد عزيت ذلك إلى أن الترزي ربما مكجني.. أو مكجن أحد أقربائي من الدرجة الأولى.. وعشان كدا بشتن لي الجلابية كيتن فيهم.. فامشي وأنا أحمل على ظهري خط سير رحلة لوزة قطن من محالج مارنجان إلى مصانع لانكشير إلى قرية صغيرة تستريح على الضفة الغربية من النيل في شمال السودان.. خطبة وصلاة العيد بالمقابر.. لم أتبين الحكمة من الصلاة بالمقابر إلى يومي هذا.. إلا وأنها محاولة من الأحياء لمشاركة الأموات فرحة العيد.. وهي مشاعر تختلط على أجعص كاتب دراما.. حزن وفرح.. خوف ووجل.. احترام للرفات واعتقاد في المشاركة الروحية.. غياب الجسد وحضور الروح.. كنت أرى دموع الرجال.. وهي تذرف.. فيتملكني إحساس غريب وتنهمر دموعي ولا أعرف لها سببا.. حينها كان تعاملي مع الموت في مرحلة فك اللغز عن ماهيته… وعدم استيعابه وأنا القادم حديثا إلى الحياة قبل خمسة أعوام.. عندما أسال من هم سبقوني إلى الدنيا… تتملكني الحيرة أكثر لإجاباتهم المبهمة.. وشرحهم الفطير.. خطبة العيد.. هي هي.. منذ أول مرة سمعتها إلى عمري الحالي.. عن زكاة الفطر التي لم تتعد دائرة الصاع والصاعين.. وصلة الرحم.. متبوعة بتهديد ووعيد وعقاب بالنار وجهنم وترغيب وثواب بالجنة ونعيمها وبنات حورها.. مختومة بالصلاة على نبينا محمد صاحب الجبين الأنور..

تبع..

[/SIZE][/JUSTIFY]

الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي