د/ عادل الصادق المكي

بانوراما.. عيد في الذاكرة “2”

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] بانوراما.. عيد في الذاكرة “2” [/B][/CENTER]

ذكرت بالأمس.. أننا نبدأ العيد من أمسية وليلة يوم الوقفة.. والذي سمي الوقفة مجازا.. حيث إن يوم الوقفة المقصود هو يوم الوقوف بعرفة في عيد الأضحى… لكنه أضيف إلى عيد رمضان “عشان ما نكتر النقة”.. وسمي أيضا بيوم الوقفة عشان البيت كلو والأسرة كلها بتكون واقفة على فرد كراع.. بل والمجتمع كلو يكون واقف على فرد كراع.. أيضا بعضهم يناديه بيوم التاسوعة.. وهي أيضا إشارة إلى يوم التاسع من ذي الحجة حيث يوم عرفة.. المهم.. قلت إننا نرتدي الجديد.. والذي كان لا يتعدى أن يكون جلابية دبلان.. وكيف أن عيدي الذي أنا بصدده.. كنت أرتدي جلابية مكتوب على ضهرها “ميد إن انقلاند”.. يعني ماركة.. ولكنها في وقتها كانت تثير فيّ الحنق والغضب.. الموجهات للترزي الذي لم تسعفه مقدرته في الخياطة أن يخبئ هذا العنوان.. الذي كنت أحمله طيلة أيام العيد على ظهري.. وبعدها ردحا من الزمن.. وما زالت تقبع في ذاكرتي.. كلما جاء عيد.. طفت إلى السطح.. وصرت أتبجح بأنني من القلائل الأوائل في السودان الذين اردتو جلابية ماركة.. ذهبنا إلى الصلاة واستمعنا إلى الخطبة.. ونحن نتوسط مقابر أسلافنا.. ثم بعد الصلاة أخذنا نتفحص مقابر الأقارب.. ونطمئن على رقدتهم، بعضهم من طول الرقدة نسى الدليل أماكن رقادهم.. متضرعين إلى الله أن يرحمهم ويغفر لهم.!!

ثم نزلنا من الصلاة وأخذنا نبارك العيد.. ورائحة بنت السودان والشبراويشي تعبق في كل الأمكنة.. وبعض المترفين مضمخين بعطر فتيل الرش.. ندخل المنازل ونتراص في العناقريب في انتظار ما يقدم لنا من عيدية.. ونخرج ولفافات الحلوى من ريا وسكينة.. تسكن مخابئنا.. أما ما يقدم من بلح مع الحلوى فقد أصابه البوار.. ويستاهل نان البجيبو شنو يتشالق مع الحلاوة لأطفال يكاد أحدهم أن يرى الحلوى في الأعياد.. ثم إلى حيث غرفة مربعة صغيرة.. ذكرو أن شيخنا مدفون فيها.. رفعت الفواتح.. وتعفر من تعفر بتراب تربة الشيخ الصالح.. وكانت النديهة بهمهمات تكاد لا تستبين منها كلمة حتى لو كان سمعك اليوم حديد.. ولكنها كلها أجزم أنها تدور حول الشفاء من مرض.. أو نجاح تلميذ تعوّل أسرته على نجاحه.. أو أمنيات محرمات لا تسمعها.. ولا صوت يعلو فوق صوت النوبة والطبل.. فترى الراقصين سكارى وما هم بسكارى… ونحن زمرة أطفال موعودين بالدروشة في قادم أيامنا أو هكذا أمنياتنا.. وكانت:

ربي بهم وبآلهم عجل

بالنصر وبالفرج.. فنترنح نحن معهم في انتظار الفرج.. ثم يتراءى لنا شبح مريم الميرغنية في الأفق..

السلام يا غنية

ومريم الميرغنية

وتأتي صواني الفتة تباعا.. فنهجر مريم الميرغينة.. إلى الصينية.. واختطاف ما يستطيع من قطعة لحم يشفي بها غليل أيام وليالي في اشتياق إلى عضة.!!

[/SIZE][/JUSTIFY]

الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي