توحيد الإسلاميين.. ثمة غلق

تمكن الإسلاميون خلال ربع قرن من الحكم في جر اللاعبين الآخرين إلى ملعبهم واضطرارهم تغيير خططهم لمجاراتهم.. وعلى سبيل المثال وجدت حادثة ما يعرف بـ (المفاصلة) التي أنتجها الإسلاميون، سوقا رائجة لدى الأحزاب.. والآن يعيد التاريخ نفسه.. وما أشبه الليلة بالبارحة، إذ لم تملك الأحزاب إلا أن تكون أكبر مشتر ومستهلك لآخر منتج إسلامي ألا وهو ائتلاف الإسلاميين من جديد..
أكثر الذين يلوكون هذه المصطلحات هذه الأيام هم الحزبيون من غير المنتجين الأصليين لسلعة الائتلاف نفسها.. والمدهش حقا أن قواعد الإسلاميين في الضفتين.. الوطني والشعبي.. لم تحفل ببشريات تقارب المؤتمرين كما يحفل بها الآخرون سيما المدارس اليسارية، التي لم تر في فعاليات الحوار الوطني إﻻ دراما متقنة وسيناريوهات محكمة لإعادة إنتاج الإسلاميين.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو: لماذا انشغل الآخرون بعمليات التقارب هذه؟.. بل لماذا ينظرون إليها كما لو أنها مؤامرة؟.. فاليساريون في كل يوم يصنعون تحالفا جديدا دون أن يلتفت إليه أحد.. ولو استقبلت العقلية الحزبية السودانية ما استدبرت من أمرها لعملت بكل قوتها لوحدة الاتحاديين والأنصار والإسلاميين واليساريين.. وذلك لسبب بسيط وبديهي.. هو أن النظام الديمقراطي الذي ننشده جميعا لا يبنى بالسيخ والخرصانة وإنما ينهض على أعمدة حزبية قوية متماسكة..
تمنيت دائما أن تنتهي مدارسنا الفكرية إلى ثلاث مدارس حزبية.. يمين ويسار ووسط ..كأن يشكل الأمة والاتحاديون حزب الوسط الكبير.. على أن يتكتل اليمين كله في كتلة واحدة.. ثم ليصنع اليسار حزبه الذي يريد.. فعلى الأقل لن يكون بمقدور البعض أن يتدارى وراء تجمعات هلامية اصطناعية انتهازية ﻻ يجمع بينها فكر مشترك.. غير أن ثقافة تجمع التيارات الحزبية ستوفر للوطن الكثير.. فلا يعقل أن تحتاج عمليات الإجماع والحوار الوطنيين لجمع ستين حزبا في صعيد واحد.. ثم إذا ما تخلف حزب واحد وإن كانت عضويته بالكاد ﻻ تقوى لملء عشرين عربة أمجاد.. يقال إن الحوار ناقص بفعل مقاطعة البعض.. ولليبراليين إن وجدوا وكل المنبهرين بالديمقراطية الغربية.. أن الأحزاب هناك تعد على أصابع اليد الواحدة.. بل إن قبلتهم وبلاد بيتهم الأبيض الذي يحجون إليه تتشكل عمليتها الديمقراطية من حزبين اثنين فقط.. هما (الجمهوري والديمقراطي).. فضلاً عن التحالفات التي عبثا تحاول جمع الأضداد والمتناقضات لعبور الجسر.. كتحالف الأستاذ فاروق أبوعيسى.. لن يقوى لعبور أي جسر.. وإن كتب له العبور سيفتضح ﻻ محالة عند أول امتحان لأنه يحمل أسباب فنائه بداخله..
لهذا وغيره من المسوغات والحيثيات يفترض أﻻ يرهب الآخرون من عمليات اصطفاف الإسلاميين الذي قد يمتد ليشمل السلفيين.. لأن ذلك يخدم العملية الديمقراطية برمتها.. بل فليسع الآخرون لتجميع شتاتهم بدﻻ من الانشغال بتوحد الآخرين.. وهنالك فكرة أخطر تسمى (تجمع أهل القبلة) وإن كتب لها النجاح فليشغل بعضنا أفكاره بحثا عن وطن بديل تعبد فيه الاشتراكية وتعظم فيه الليبرالية.. البيت الأبيض أو الكرملين الأحمر.. على أن البيت الذي ببكة مبارك وفيه هدى للعالمين…
[/SIZE][/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]

