الخضر.. والرياحين والمطر

للدكتور المتعافي الوالي السابق لوﻻية الخرطوم أدب مختلف مع الإعلام.. أذكر لما كانت الصحافة تضطلع بقضية (موقف كركر) وتأخذ على عاتق أعمدتها وتحقيقاتها ومينشتاتها مسألة معانأة المواطنين الذين يذهبون في كل الاتجاهات كما لو أنه يوم المعشر.. خرج يومئذ السيد المتعافي على مهل للإعلام ليبدي عدم انزعاجه.. ففي تقديره أن التغييرات الجذرية من الطبيعي أن تتبعها بعض اﻻنفعاﻻت.. وأن المسألة تحتاج لبعض الوقت ليعرف أي مواطن من أين يركب وأين ينزل وبعدها ستنحسر الحملة الإعلامية الباهظة وانحسرت.. ثم اندلعت حملة إعلامية أخرى إبان فصل الخريف على أن وﻻية السيد المتعافي تغرق في شبر موية.. خرج الرجل مرة أخرى بهدوء لمنابر الميديا ليقول جملة مقتضبة.. بأن هذه الحملات لا ولن تحمله ليهلك موارد الولاية الشحيحة في صناعة مصارف مكلفة ليست أولوية.. وأصلها مطرتين تلاته وستنحسر المياه، ومن ثم تنحسر الحملات الإعلامية.. ولما كتبت الصحافة بكثافة عن أن شوارع وأنفاق المتعافي أعاقت تصريف مياه الأمطار.. خرج الرجل الوالي ببرود شديد ليقول جملة واحدة.. على أن المياه لم تحتجز على عهد الوﻻة الذين سبقوه لأنهم ببساطة لن يصنعوا أصلا طرقات وأنفاق تحتجز مياه و… و… لم تكن العلاقة بين الرجل والإعلام سالكة وجيدة وكان قليلا ما يخرج للإعلام.. كما لم يكن بمقدور أي حملة إعلامية مهما عظمت أن تثنيه عن وجهته التي خرج لأجلها طالما أمن بها.. ذلك على خلاف مدرسة الوالي الدكتور عبدالرحمن الخضر التي تتفاعل مع الإعلام.. وأنا هنا ليس بصدد إعلاء مدرسة وﻻئية إعلامية على أخرى، فلكل شيخ طريقته.. غير أن لكل طريقة حسناتها وسيئاتها.. وعلى سبيل المثال فقد استجابت وزارة الدكتور الخضر للطرق الإعلامي لصناعة المزيد من تعبيد الطرق، فقامت ما يشبه
الثورة في مجال الطرق والأنفاق.. إﻻ أن بعض العجلة في بعض الأحيان قد كانت على حساب الجودة.. وفي هذه الحالة لن تعذر حكومة الوﻻية بأنها صنعت كثيرا من الطرق كما لم تشفع لها جسورها ودثورها.. نحن الآن بين يدي نموذج شارع فرعي بشرق النيل ينطلق شماﻻ من شارع القذافي باتجاه حي الجامعة.. فلقد انهار هذا الشارع في أول تجربة خريفية.. وهناك عيبان بديهيان.. الأول أن المصمم لم يعمل حساب لارتفاع وانحدار يجعلان الشارع ﻻ يحتضن المياه.. ولما احتضن المياه لم يقو على تحملها فتصدع وتحفر.. وبدا أن طبقات بنائه كانت واهنة وضعيفة.. وﻻ نعرف والحال هذه أن كان الاتفاق لم يتضمن شرط تأهيل كامل.. ثم كيف استلم اﻻستشاري و… و… و…..
أسوأ ما في تجربة هذا الطريق أنه أصبح نموذجا سيئا لمحاكمة طرقات الولاية برمتها برغم أن هنالك مئات الطرق قد أخضعت للمعايير الهندسية ولم تنهر.. وقديما قال أهلنا في البادية.. الزول بونسو غرضو.. فمعظم الذين يستخدمون هذا الطريق لم يسيطر على ذاكرتهم إلا هذا النموذج.. غير أن المعالجة يفترض أن تبدأ بعلاج ما رسخ في العقول كأن يتداول أهل هذه المضارب بأن محاسبة قد أجريت وغضبة وﻻئية قد أشهرت لأجل محارم أموال الجماهير و… و…. ثم بعد ذلك يضمد جراح الشارع..
مخرج.. لنا أن نستفيد من عمليات المفارقة والمقاربة لنقارب ونسدد.. والله ولي التوفيق
[/SIZE][/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]

