هيثم كابو

ثورة المرضى

[CENTER][B][SIZE=5] ثورة المرضى [/SIZE][/B][/CENTER][SIZE=5][JUSTIFY]

* وقبل أكثر من خمسة أشهر نكتب عبر هذه المساحة عن (جمعة الغسيل)، ونحذر من تفاقم الأزمة، ونحكي عن المعاناة ونركز على المفارقة ..!!

* قلنا إن ربات المنازل و(الشغالات الحبشيات) -اللائي كاد عددهن يساوي عدد أفراد الأسر- يتسابقن في يوم الجمعة من كل أسبوع لجمع الملابس المتسخة وغسلها إذ أن العطلة تمثل ميقاتاً مناسباً خاصة لكل ربة منزل مرتبطة بعمل وتسعى جاهدة للتوفيق ما بين العمل والبيت..!!

* ينتعش سوق (الغسالين والمكوجية) في مثل هذا اليوم، بينما يفضل بعض (العزابة) ممن درسوا بالداخليات وتربوا منذ وقت باكر على تحمل المسؤوليات أن يغسلوا ملابسهم بأنفسهم.. و(تتعدد (الأيدي) والغسل واحد)..!!

* ما أن يفرغ الغاسل رجلاً كان أو امرأة من مهمته، وينفض يديه من الصابون إن استعان بماكينة غسيل أو أنجز عمله كاملاً بنفسه حتى يشعر بالارتياح، وكأن هماً كبيراً قد زال عنه بمجرد أن رفرفت ملابسه خفاقة على (حبل الغسيل)..!!

* الارتياح الذي تبحث عنه أنت بنفسك أو عبر (زوجتك أو أختك أو الخادمة التي تعمل في منزلكم) يبحث عنه آخر بصورة مختلفة.. إن أشرقت شمس السبت ولم تجد ملابسك (مغسولة ومكوية) فإن انقلابا سيحدث في المنزل.. عاصفة من السخط واللعنات ستهب على الجميع حتى تقلع أوتاد الطمأنينة في النفوس، فثمة (جريمة ﻻ تغتفر) تم ارتكابها ولن يهدأ لك بال حتى تجز رقاب المقصرين..!!

* عليك أن تتخيل أن شخصاً آخر يعيش نفس (مأساتك الكبرى)، ولكن مشكلته ليست في عدم عثوره على (بنطلون نضيف وقميص مكوي سيف).. معضلته (المتواضعة) يا عزيزي الفاضل أنه لم يجد عربة أمجاد أو (حافلة مواصلات فاضية) تصطحبه إلى حيث ينبغي أن يكون موجوداً الآن لـ(غسل كليتيه)..!!!!.

* قبل أن تسأل يوم الجمعة عن (جلابية الصلاة) وملابسك المغسولة تذكر أنه في ولاية الخرطوم وحدها هناك حوالي 3500 مريض بالفشل الكلوي يتجولون بين مراكز غسيل الكلى والابتسامة لا تفارق وجوههم رغم عظيم معاناتهم .. قبل أن تثور لعدم غسل (بنطلون الجينز الأزرق والقميص الكان في الشماعة) تذكر أن الخرطوم التي بها (200 ماكينة غسيل كلى) كثير منها يحتاج الآن لإحلال وإبدال..!!

* إن أغلق (الدكان الجنب بيتكم) أبوابه قبل أن ترسل زوجتك (الشغالة) لشراء الصابون، فإن مشكلتك يمكن حلها ببساطة من البقالة القابعة في (ناصية الشارع التاني)، ولكن إن لم يجد مريض الفشل الكلوي عقار (إريثرو بوتين) الذي يزيد نسبة الدم، فإن (دكاكين الحلة) والصيدليات لن تقيه شرور التدهور الصحي وما يمكن أن يحدث له من انتكاسة ومضاعفات..!!

* عندما (انسدت) الأبواب في وجوه مرضى الفشل الكلوي لم يجدوا حلا سوى اللجوء لـ(إغلاق) كبرى شمبات .

* مرضى الفشل الكلوي يحتاجون لوقفة حقيقية.. اليأس يسيطر عليهم والأسى يسكن بين ضلوعهم، وينبغي التعامل مع محنتهم برأفة ووعي وضمير وحكمة ..!

* وزارة الصحة مطالبة بالتحرك العاجل لحل الأزمة، كما أن قضية قسم الكلى بمستشفى الخرطوم يلفها الغموض في ظل معاناة مرضى الولايات وعدم تنفيذ التوجيه الرئاسي القاضي بتركيب ثلاث ماكينات للطوارئ حتى الآن .

* نجدد دعوتنا للمجتمع المدني بضرورة أن يكون هناك (صندوق لدعم مرضى الكلى) .. صندوق خيري يشرف عليه بعض أصحاب القلوب الرحيمة لمد يد العون لكل مصاب بفشل كلوي.. صندوق يساعد في زيادة عدد ماكينات الغسيل خاصة وأن كثيرا منها الآن يعاني من مشكلات وتحتاج لتغيير.. صندوق يمشي على خطى (جمعية مرضى الكلى) التي تقدم مساهمات مقدرة للمرضى في حدود إمكانياتها.. صندوق نساهم فيه جميعاً اليوم لأننا قد نحتاجه غداً، فالمرض ابتلاء يداهمك فجأة دون سابق موعد أو ترتيب للقاء..!!

* دور المجتمع المدني كبير في مثل هذه القضايا، ولابد من التوعية بضرورة الاتجاه لإجراء عمليات زراعة كلى بدلاً من تبديد الطاقة في الغسيل المستمر، كما أن ارتفاع حس الوعي الإنساني من شأنه أن يدفع الدولة للقيام بمسؤولياتها بشكل أكبر وفي مناخ أفضل، ولابد من تكاتف الجميع من أجل غد أخضر..!!

* ثورة المرضى حد إغلاق الجسور إدانة للجميع ..!

* أخيراً.. ليس مهماً أن يغلق مرضى الفشل الكلوي كوبري شمبات، ولكن المهم حقاً أن يفتح الجميع أبواب قلوب الرحمة ..!!

نفس أخير

* ليس كل (الفشل) كلوي ..!!

[/JUSTIFY] [/SIZE]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي