الطاهر ساتي

كل شئ للسوق …!!

[ALIGN=CENTER]كل شئ للسوق …!! [/ALIGN] ** كتبت هنا – قبل عام – ناصحا برنامج مكافحة الإيدز بأن يتعلم كيف يعمل صامتا .. وقلت فيما قلت عقب مؤتمر صحفي عقده البرنامج بأن مكافحة الإيدز ملف أمر إدرته يقتضي الهدوء ثم الحكمة والمصداقية .. ولأن المؤتمر عامئذ بث أرقاما مزعجة كتبت مخاطبا البرنامج نصا : ..( لن أشك في أرقام مدير المكافحة ، رغم أن للكل حق الشك حتى تستبين الحقيقة وطرائق الإحصاء ومدى دقتها ، فتلك ليست أرقاما منزلة من السماء ، ومع ذلك لن نشك ..ولكن نسأل المدير بكل براءة : إن كانت تلك الأرقام الفلكية تتصاعد بتلك السرعة الصاروخية كل عام ، ماذا يعمل سيادتك والعاملون معك أثناء ساعات العمل الرسمية ..؟..بمعنى ، أين المكافحة ، فعلا وواقعا في حياة الناس وليس اسما وشعارا لاستلام الميزانية ..؟..أم تظن بأن إرهاب وزارة المالية بتلك الأرقام الموسمية هو المكافحة ..؟.. لا يا سيدي ، فالمكافحة في برنامجكم – ما لم تكن شعارا وترهيبا فقط لاغير- هي أن تخفض سيادتك تلك الأرقام سنويا أو تجمدها بلا زيادة .. وليس من العدل ولا العقل أن تتناسب أرقام الداء مع أرقام الميزانية تناسبا طرديا كل عام ..وإن كان الأمر كذلك ، فلماذا يهدر الشعب أمواله كل عام في برنامج فاشل يعجز عن محاصرة الداء وتخفيض نسبته .؟.. تلك هي أسئلة العقل السوي ما لم تكن أرقامك وهمية ، أو هي أرقام عالية فقط مراد بها ميزانية عالية ، وإن كانت تلك هي الغاية فأعلم بأن الوسيلة غير كريمة في حق الشعب السوداني وسمعة بلده ، خاصة حين تحتفي بها صحف الدنيا والعالمين ..وبغض النظر عن كل هذا ، ألا يعلم البرنامج القومي لمكافحة الإيدز أن هناك أشياء في حياة الشعوب معالجتها تقتضي الحكمة والتروي في تناولها بلا ضجيج أو تهويل ..؟..إن كان عقل برنامجكم يعجز عن فعل ذلك فليتعلم .. فلا يسعدنا إطلاقا أن تضع دولة عربية فحص الإيدز شرطا أساسيا لتجديد إقامة السودانيين ، كما الحال في دولة عربية شرعت في ذلك بحياء منذ أسابيع ..ولم تشترط ذلك إلا في السوداني والبنغالي..) ..!!
** هكذا كان حديثي قبل عام عقب مؤتمر بث الأرقام المزعجة ، والحديث وموثق بإرشيف صحيفتك ، صديقي القارئي .. برنامج المكافحة لم يرض بذاك الحديث ، حيث عقب نائب مدير البرنامج بالإنابة – الدكتور أحمد محمد محمود – تعقيبا غاضبا ، برر فيه ضجيجهم وتهويلهم وطرائق تفكيرهم في إدارة ملف المكافحة ، وقال فيما قال نصا : ( إن عكس صورة جيدة للبلاد ليس من اختصاصاتنا ، بل هو مهمة إعلامنا الذي لو تصدى لما يثار ضد السودان و قيمه بطرق علمية و إسلوب جذاب لكفانا شر الآخرين..) ..هكذا تساجلنا وإنتهى السجال باحترام كل طرف لرأي الطرف الآخر ، إحترام فقط لاغير وليس القبول ..ولازلت ، وسأظل متحفظا على الوسيلة التي يدير بها برنامج المكافحة ملف هذا المرض .. فالتحفظ على الوسيلة ، وليس على الفكرة أوالغاية .. حيث إن الغاية النبيلة لاتبرر إتباع الوسائل غير الصحيحة .. ليس في مكافحة الإيدز فقط ، بل في كل شئ ..والوسيلة التي يتبعها برنامج المكافحة هي التهويل ثم ضخ الأرقام الفلكية كل عام في وسائل الإعلام بلا أية مراعاة لجوانب آخرى ذات صلة باقتصاد البلاد وأمنها الإجتماعي وحركة شعبها وتنقله بين دول العالم ..علما بأن الأرقام في إحصائية البرنامج لاتنقص ابدا ، بل تزيد كل عام ، ومع ان البرنامج اسمه برنامج الـ : مكافحة .. إن كانت نسب الايدز ترتفع كل عام ، فالبرنامج يكافح ماذا ..؟.. يجب على البرنامج أن يتوقف عند هذا السؤال ..!!
** المهم ، تحفظى أو قل توجسي من نهج التهويل والضجيج كان مرده هو ألا يتواصل الضخ المريب لتلك الأرقام حتى لا نتفاجأ ذات يوم بوطن معزول عن أوطان الآخرين ..خاصة أن الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان في عصرنا هذا صارت سلاحا يستخدم ضد بلد الانسان والحيوان .. والوادي المتصدع كان نموذجا ..حتى بعد خلو البلد منه لم يرفع الحصار عن أنعامه إلا بالمفاوضات المرهقة والتنازلات المريرة ، لأن دولا تنافسنا فى التصدير لم تكن ترغب أن يرفع عن انعامنا الحصار ..هكذا عالم اليوم ، الذكي فيه يستغل غباء الآخر ..وسوء إدارة أية أزمة أوقضية نوع من الغباء الذي يصلح استغلاله .. ولن استرسل ، فقط اقرأ نص الخبر الذي جاء في صفحة مهاجر التي يحررها زميلنا المقيم بالسعودية الاستاذ مصطفى محكر، فحواه : السعودية تلزم السودانيين بفحص الايدز كشرط من شروط تجديد الاقامة ، وتشددت السلطات بعدم تجديد اقامة اى سوداني ما لم يفحص الايدز ، ويأتي القرار عقب نشر وزارة الصحة السودانية إحصائية الايدز بالبلاد .. هكذا كتب الاخ محكر قبل أسبوع .. بالتأكيد للسعودية وغيرها حق حماية شعوبها بالوقاية ..فقط مايحزن في الأمر انها قررت قرارها هذا عقب بث برنامج المكافحة هنا ارقامه الفلكية المراد بها فتح آذان وزارة المالية والمنظمات المانحة ..وعليه : فليواصل البرنامج بث ارقامه الفلكية، ولاينسى مضاعفتها كل عام ، أواحسن كل اسبوع ..وهكذا ستنهمر على خزائنه أموال الحكومة والمنظمات كما السيل، ويشتد الحصار على الشعب بحيث يصبح كل سودانى متهما بالايدز حتى يثبت براءته ..أي ، زايدوا بالإيدز من أجل ملء خزينة البرنامج ..فالكل صار يزايد بقضايا الناس وأزمات البلد، ومافيش حد أحسن من حد .. يلا ..( كبرو الكوم ، السوق سمح )..!!
إليكم – الصحافة الاحد 14/06/2009 العدد 5735

تعليق واحد

  1. انا لله وانا اليه راجعون والله وجعت قلبنا يا استاذ . . بس انبه قلمك الشجاع بأن يعير التفاته بسيطه لبورتسودان التي يفتك بها مرض الحمى النزفية هذه الايام في ظل تكتم مريب من حكومة الولاية عليكم الله ياناس تعالوا زوروا مستشفى بورتسودان او رسلوا زول يشوف حوادث بورتسودان . . استحلفكم بالله ثم بأمانة القلم الذي تحملونه ان تفعلوا