أبشر الماحي الصائم

مدافع ومدامع


[JUSTIFY]
مدافع ومدامع

ضمن نشرة فضائية الخرطوم.. المتطورة الأداء، المتسعة الأصداء.. التي لم تسعها ولاية الخرطوم على سعتها وتعدد قضاياها وتشعبها.. فعلى الأقل يبث هذا التقرير الطازج الذي نحن بصدده الآن مصورا من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.. والذي يبدو فيه السيد حيدر وإلى الولاية في حالة تجول وتفقد للمناطق المتأثرة بالسيول بولايته.. فمن كان منكم بلا سيول وفيوضات مائية فليرمها بحجر.. غير أن الذي أثار شجوني وأحزاني هو مظهر الحراسة المشددة والأسلحة المدججة.. التي تحيط بالسيد الوالي ومرافقيه من كل جانب برغم أن هذا المنشط داخل عاصمته وليس في الضهاري والصحاري.. وسبب الحزن والأسى والأسف الشديد هو أن هذه المدافع في هذا الموسم يفترض أن تكون طواري ومعاول زراعة.. وكما فى مرثية البطل الشهيد ود حبوبة.. لو كان بالمراد اليمين مطلوق ما بنشنق ود ابكريق في السوق.. هذه هي أزمتنا السودانية الحقيقية تتجلى في أبشع صورها.. ولك أن تتساءل في هذه الحالة من هذا العبقري الذي جعلنا نستبدل طواري الزراعة والإنتاج وصناعة الحياة بآليات الموت والدمار.. من هذا الذي دفعنا للاستعصام بمعسكرات النزوح واللجوء بدلا عن قرانا التي كانت آمنة.. من هذا المجرم الذي جعلنا نبدل دخننا والذرة اللذين ننتجهما بأيدينا بمعلبات الغذاء المستقدمة من وراء البحار.. الدسم الذي باطنه السم.. أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير.. هنا تكمن الأزمة وتتجلى المحنة وتنطلي علينا المؤامرة.. فما دخلت هذه المنظمات (الإنسانية) في بلد إلا وجعلت أعزة أهلها أذلة.. أين ذهب ذلك الأمان الذي شيدناه عبر الأزمان.. زرقة وحمرة وزفة ألوان.. إنه هو السودان.. فمن أين أتى هؤلاء القتلى الذين يمتلكون جرأة إشهار السلاح في وجه الأهل والعشيرة؟ على أن عمليات التحرير تبدأ بتشريد الأهل وقتل الأرحام وتدمير الأنسجة والوئام.. فعجبت لمن يشهر سيفه لأجل التنمية أول شيء يفعله تعطيل مسيرتها وتشريد شغيلتها وتحطيم ما وجد منها.. فيا جماعة الخير ويا حملة القرآن والمحمل ويا أهل شرف كسوة الكعبة المشرفة.. إن عمليات إرجاع أبنائنا من أتون الحركات المسلحة لا ولن تتم في سرت ولا أبوجا والقاهرة والدوحة.. ولكنها تتم في فاشر السلطان ونيالا البحير وجنينة الخير.. وهي تراجيديا أقرب لواقعة غلاب بسطام، أو تذكرونه؟ قيل إن غلاما قد خرج من مدينة بسطام على عهد العالم البسطامي الشهير.. فلما طرق أسوار مدينة بعيدة سأله أحدهم: من أين أنت قادم يا غلام؟ قال: من بسطام.. قال ما الذي أخرجك من بسطام؟ قال: خرجت في طلب العلم يا مولاي.. قال: إن الذي خرجت لأجله قد تركته وراءك ببسطام.. وذلك في إشارة لعالمها الشهير.. على أن الحلول التي خرجنا نبحث عنها في العواصم البعيدة قد تركناها وراءنا بالإقليم.. فمن كان أحسن منا دينا وحكمة ومروءة.. فلنعد إلى الأرض إلى الزراعة إلى الجادة والصواب.. ولترحل المنظمات بغوثها وأسلحتها ومكرها.. فاللهم اجعل لنا أمر رشد يعز به الزرع والضرع والحق ..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]