عادل الباز

ولكن يا رباح


ولكن يا رباح
أبدأ بالشكر للأستاذ مزمل أبوالقاسم الذي دعاني للكتابة في صحيفته الغراء، وأنا سعيد بأن يتشرف قلمي بالإطلالة على قراء جدد عبر صحيفة مؤثرة مثل (اليوم التالي).

كما لا يسعني إلا أن أشكر أسرة (الرأي العام) على تلك الفترة المليئة بالتحديات التي قضيتها بينهم، وأتمنى للصديق محمد عبد القادر كل التوفيق. شكري وتقديري لزملائي في صالة تحرير (الرأي العام) ومحبتي لهم بلا حدود.

ولكن يا رباح..

بعثت لي الحبيبة رباح الصادق إيميل، وأعتقد أنها أرسلته لكل من في قائمة بريدها الإلكتروني. يحمل الإيميل المسودة التي كتبها السيد الصادق المهدي لإعلان باريس الأخير مع الجبهة الثورية.

قبل أن أدلف لمناقشة أهم بنود الإعلان طاف بذهني سؤال: ما الضرورة التي ألجأت رباح لإذاعة تلك المسوده على الملأ؟. هل تود أن ترسل رسالة إلى من يهمهم الأمر بأن إعلان باريس ليس مفروضا على حزب الأمة من جهة ما، إنما هو جهد خالص للحزب بل هو من فكر الإمام وتدبيره؟. بل ليس للجبهة الثورية إلا فضل التوقيع عليه؟!!. ما الفائدة والهدف من نشر مسودة إعلان تم التوقيع عليه؟.

تخطئ السيدة رباح إذا أرادت أن تثبت أن الاتفاق جاء بتدبير من السيد الصادق، إذ يعني ذلك أن السيد الإمام هو من سعى للجبهة الثورية فيعطي ذلك رسالة مبطنة بأن المهدي إنما يحاول استدراج الجبهة ليجعلها ضمن كروت لعبته القوية ضد النظام وخاصة في وقت فقد فيه ثقة تحالف أبوعيسى، وصرح السيد أبوعيسى أول أمس أنه لا يثق في أي خطوة يقوم بها السيد الصادق!!.

يعصف ذلك بمصداقية الخطوة ويهز الثقة بها وتتأكد شكوك كل القوى السياسية في مواقف السيد الصادق حتى داخل حزبه.

أهم ما جاء في الاتفاق والمسودة هو اقتناع الجبهة الثورية وإعلانها أن الحرب ليست حلا. ليصبح أمامها خياران: الانتفاضة أو الحوار الذي يفضي لمرحلة انتقالية. إذا كان هذا هو موقف الجبهة حقيقة وليس مناورة، فلماذا تصر على وقف العدائيات وليس وقف الحرب؟.

البند الأول في الفقرة الأولى من إعلان باريس يقول: “وقف الحرب هو المدخل الصحيح لأي حوار وطني وعملية دستورية جادة مع توفير الحريات والوصول لترتيبات حكم انتقالي”. لو أن الجبهة اقتنعت بأن الحرب ليست حلا والمدخل الصحيح لأي حوار وطني هو وقفها لكان بإمكانها إعلان تخليها عن الحرب كليا واتجاهها للانتفاضة الشعبية السلمية لإسقاط النظام.

الغريب أن موقف الجبهة الخاص بوقف العدائيات والممرات الآمنة وخلافه هو موقف قديم طالبت به الحركة الشعبية عدة مرات في مباحثات أديس أبابا تم بيعه الآن في باريس باعتبار أنه هدية من الجبهة الثورية للإمام (على مين؟). لو أن الجبهة رغبت في الاحتفاء بالإمام لأعلنت وقف الحرب.

بهذا الموقف لا شيء يشي بتغير أو تطور في مواقف الجبهة ولا تغيير في خطها المصعد للحرب. ولكن للحقيقة فإن حزب الأمة أيضا لم يتحرك من مواقفه قيد أنملة، وهكذا بدا أنه يناور في باريس وعينه على دهاليز الحوار في الخرطوم.

ولكني أسأل رباح: إذا لم يتفق الطرفان على وقف الحرب ولا على قضية الدين والدولة ولا على طريقة إسقاط النظام ولا شكل البديل، فما جدوي الإعلان؟. ثم إن قوى الداخل تشكك بعضها في نوايا الموقعين، وأدان بعضها الخطوة فما جدوى اتفاق تشكك فيه قوى التغيير الذي جاء ليوحدها؟!!

كم من الاتفاقات تم دفنها في حوش الخليفة؟ وكيف يمكن تسويق اتفاق ليس عليه إجماع وطني حتى من القوى المناهضة للنظام للإقليم والعالم؟. ألا يتعب حزب الأمة من المناورات ولا الإمام من كتابة المسودات؟

الكاتب : عادل الباز
في ما أري – صحيفة اليوم التالي