كيمياء المطر
«بنيتي» تستحلى الاجازات وتطمع في المزيد من الأيام لتبقى بالمنزل تدعو هذه الأيام بدعاء.. «يا رب مطرة ثقيلة توقف المدارس» فاضطر لمقاطعتها «يا بتي انتي لو ما دايرة المدرسة غيرك داير.. خليك واضحة..».. «لا.. لا.. يا ماما دايراها لكن بس حبة إجازة تاني».. «يا بتي الموضوع كده حيؤثر على تحصيلكم وحيضطروا لضغطكم وربما لتعطيل اجازة السبت عنكم كما يشيعون الآن».. ثم تخرج صامتة ومن بعد هامسة «يا أمي السحابة شالت.. البس واجهز وللا انتظر شوية إمكن تصب والترحيل ما يجي أو المدارس يأجلوها تاني».. «بطلي كسل وقومي لمدرستك».. ولأن المطر له كيمياء التبخر والتكثف والهطول فإن نفسية «بنيتي» في تمنيها للاستمطار من تمني التسبب في الراحة من أجل الإجازة والكسل الذي يوسمونا به كسودانيين في محافل ودول أخرى.. يبدأ من هنا من مثل رغبات وتمنيات صغارنا.. بقدر ما كنت الوم «بنيتي» على عدم قيامها بهمة واندفاع بقدر ما «لومت» نفسي لماذا لم أكن عاملاً دافعاً لأن تكون محبة للذهاب للمدرسة.. ثم استدركت أنها رغم فصاحتها وشطارتها في تقنية التواصل والموبايلات واللابتوبات والقراءة إلا انها ملولة و«زهوجة».. أعود مرة أخرى وأجد أن مصدر ذلك هو التعجل المخبوء في ثنايا بعض هذا الجيل الذي لا يصطبر حتى تستبين الرؤى.. المهم لم تهطل المطرة في ذلك اليوم وذهبت «صغيرتي» للمدرسة وعادت وما زال الخريف جارياً وما زالت كيمياء المطر تبخراً وتكاثفاً.
٭ المجرى في المجرى!
فتح المجاري.. في الخاطر «الجواني» أن يخارج كل زول «موية مطرتو».. رغم أن جدي عليه رحمة الله لم يكن يفوت خريفاً دون الاستعداد له.. فرائحة الزبالة قبل وقت كافٍ من الخريف كانت محببة لينا وفي إطار الإيجاب.. لم نكن نتحرج أو نحسب الخريف الا خيراً بل يرتبط عندنا بطقوس مرغوبة وأكلات ذات طابع مختلف من جدول ورزنامة الاعتياد الاسبوعي من باب الاحتفاء كنا نخرج للحوش نستجدي المطر «يا مطيرة» رغم البساطة في ذلك الوقت لم يساورنا الخوف يوماً من الخوف.. ولكن هذه الأيام أن تلاقت سحابتان حبسنا الأنفاس وهمهمنا أن حوالينا لا علينا بخيفة بائنة لا تخفي على أحد.. ولم تزل في الذكرى العميقة فرحة الخروج للشارع لاخراج الماء بفتح الجداول المعهودة.
٭ آخر الكلام :
يبقى المطر عماراً لأهل الزراعة وامتحاناً في كثير من الأحيان أو كما يقولون «زمجرة الطبيعة المنسابة لتضرر».. رغم كل ذلك لا نملك إلا الدعاء «اللهم اجعلها أمطار خير وبركة»..
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email] كيمياء المطر