زهير السراج

لا يا دكتور – 3


[ALIGN=CENTER]لا يا دكتور – 3[/ALIGN] أفضل من أن يلقى نقيب الاطباء السودانيين اللوم على البريطانيين ويقول بأن دوافع سياسية تفف وراء عدم اعترافهم ببكالريوس الطب والجراحة السودانى، أن يقر بأن السبب هو تدنى المستوى بشكل حقيقى وفعلى فى الجامعات لاسباب عديدة يعرفها الجميع، وعليه ان يسعى مع الجهات المختصة للعودة بالتعليم الطبى السودانى الى الارض الصلبة التى كان يقف عليها.

* القصة معروفة، وهى تتلخص فى السنة التى بترت من التعليم الاساسى وتعديل الهيكل المدرسى، والمناهج التى جعلت الطالب مجرد مستودع للمعلومات يختزنها بدون أن يفقه إلا أقل القليل منها، والاهتمام بالكم على حساب النوع سواء فى عدد الطلاب المقبولين واكتظاظ الفصول أو نظام الثمانية أعوام تعليم متواصلة بدون وجود معايير حقيقية لاختبار مقدرات الطلاب وتصحيح أوضاعهم، و حشو المناهج بأشياء لا أدرى كيف أصفها لدرجة أن عدد الكتب المقررة لطالب سنة أولى أوثانية ثانوى يصل الى 21 كتابا من الحجم الكبير مطلوب منه أن يدرسها فى فترة زمنية لا تتجاوز سبعة أو ثمانية أشهر، بالاضافة الى انعدام التدريب للأساتذة وبقية المشاكل المعروفة للجميع فى مجال التعليم العام.

* أما فى مجال التعليم العالى فالقصة لا تحتاج الى سرد، بدءا بنظام القبول وتبعية الجامعات وإقحام مواد إجبارية فى مناهج السنة الاولى ليس لها أدنى صلة بما يدرسه الطالب، وكارثة التعريب بدون وجود الامكانيات والخبرات المطلوبة، والاهتمام بالكم مما أدى لخفض نسبة النجاح المطلوبة للاستيعاب بالجامعات بشكل كبير، فتأثر المستوى العام بل تدنى كثيرا ولا أريد القول بأنه انهار، برغم أنه بالفعل إنهيار واضح ولا يحتاج الى برهان، فكيف بعد كل ذلك يريد السيد نقيب الاطباء للجامعات ان تحافظ على المستوى الذى كانت عليه، ويظل الطبيب أو المهندس السودانى بنفس مستوى الذين سبقوه الى الدراسة بسنوات ، وكان الطريق ممهدا أمامهم بمستواهم المهنى والاكاديمى الرفيع للمنافسة على فرص الدراسة والعمل ببريطانيا وغيرها من الدول، بل كانت الدول تفتح لهم أبوابها وتيسر لهم العمل والدراسة، وكان الطبيب السودانى موضع ثناء وإشادة أينما حل وسار، بسبب خلفيته الاكاديمية والمهنية الرفيعة التى يقف وراءها نظام تعليمى ممتاز بمستوييه العام والعالى برغم عدم تقدم التكنلوجيا وقتذاك التى سهلت الان الحصول على المعلومات والمراجع وإجابات الاسئلة الصعبة بدون عناء أو تبديد للوقت ، بينما تدنى المستوى الان برغم التقدم التكنلوجى وتطور العلوم وتعدد الجامعات وازدياد فرص القبول فى الجامعات .. إلخ، والسبب واضح هو تدنى مستوى التعليم بكل مفرداته !!

* لا توجد أى دوافع بريطانية خفية وراء عدم اعتراف مؤسسة التقييم الاكاديمية المحايدة ( ناريك ) بالبكالريوس السودانى ، بل على العكس تماما فقد ظلت بريطانيا تحتفظ بعلاقات طبية على أرفع مستوى مع السودان، وظل أساتذة الطب البريطانيون يتوافدون على السودان حتى العام قبل الماضى للمساعدة فى تطوير النظام التعليمى الطبى السودانى ، ومن بينهم رئيس ومسجل الكلية الملكية البريطانية لاختصاصى الطب الباطنى اللذان زارا السودان كلا على حدة فى عامى 2004 و2006 ، وقدما الكثير من النصائح ولكننا أغلقنا آذاننا حتى لا نسمع ما يقولون، وكانت النتيجة الحتمية والطبيعية هى أن بكالريوسنا فى الطب والجراحة الذى كان من أكثر الدرجات الاكاديمية إحتراما، لم يعد يعادل سوى ثلاث سنوات دراسة بعد المرحلة الثانوية فى نظر الاخرين !!

* حالنا لا ينصلح بإلقاء التهم على الآخرين ولكن بالاعتراف بأخطائنا وعيوبنا والعمل على إصلاحها، بكل جرأة وشجاعة وثقة فى النفس، أما غير ذلك فسنظل نفقد كل يوم موقعا من مواقعنا، فى الداخل قبل الخارج !!

drzoheirali@yahoo.com

جريدة السودانى، 17 يونيو، 2009


تعليق واحد

  1. انا طبيب واصادق على صحت كلامك يا د زهير,,, كليات الطب في الولايات بجيهم استاذ زائر لمدة ثلاث اسابيع عشان يدرس منهج ثلاث اشهر.