صلاح الدين عووضة

(الأوبة) للبيوت أحسن ؟!

[JUSTIFY]
(الأوبة) للبيوت أحسن ؟!

*فنحن ترانا (فالحين) جداً في المط والإسهاب والإطالة حد الملل..
*فإن فكرنا – مثلاً – في إقامة ندوةٍ ما فطول عنوانها وحده في طول (قطر كريمة)..
*يعني هو من قبيل (الموضوع الفلاني ؛ عِبر الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل)..
*هو شيء يكاد تجعلك تستحضر سخرية السادات إزاء طول اسم ليبيا القذافي حين يصمت بعد كلمة الاشتراكية قائلاً ( آخد نفسي!)..
*ثم ما يحدث داخل الندوات هذه من سخيف الـ(دش!) حدث ولا حرج ..
*ورئيس فنزويلا الراحل – هوغو تشافيز- يبدو أنه كان ذا جينات سودانية من حيث لا يدري..
*فجورج بوش قيل أنه (نام) – خلال خطاب لهوغو هذا – بعد أن طلب من مرافقه عدم إيقاظه قبل انقضاء ساعة من الزمن (على الأقل)..
*وعن تطاول ساعات ندواتنا هذه كتب الزميل عثمان ميرغني – مرةً – كلمةً بليغة سماها (الكلام بالكيلو)..
*أي إن من ساستنا من يظن أن الكلام (يُوزن!) بالكيلو لا بالمضمون ..
*ولعل أبلغ درس لأهل الإنقاذ جاءهم من (حبيبهم!) مهاتير محمد حين لم يتجاوز زمن محاضرته – بالخرطوم – ربع الساعة فقط ..
*ومما هو سخيف عندنا أيضاً – بسبب طول لا يخلو من (عبط) – إعلاناتنا التلفزيونية ..
*ويكفي أن نشير – على سبيل المثال – إلى ذاك الذي تتكرر فيه عبارة (عزيزة علي!) أكثر من خمس مرات بأداء مسرحي سمج..
*ومذيعونا يثرثرون أكثر من ضيوفهم الثرثارين – هم أنفسهم – ساعاتٍ طوال لتكون المحصلة في النهاية (ولا شيء!)..
*وصديق مصري كان يشاهد معي برنامجاً تلفزيونياً – بمحض الصدفة – قال دَهِشاً ( ده إيه ده ؟ إنتو معندكمش غير الرغي ؟!)..
*ثم أضاف ضاحكاً : (كلنا في الرغي شرق بس مش للدرجاه دي !)..
*و نفرٌ من زملائنا الصحفيين لهم من الذي نعيب الآخرين عليه هذا نصيب كذلك..
*فليس من العرف الصحفي العالمي (اللت والعجن) – حول فكرة ما – إلى أن يُصاب القارئ بـ(تخمة الأحرف!)..
*وليست المقالات فقط هي التي في طول (ليل الشتاء) وإنما حتى أسماء كاتبيها أحياناً..
*ومن المعروف – في عوالم الإبداع – أن الاسم الطويل (العادي) يُخضع لجراحة تجميلية كيما يكون (ذا وقع!)..
*كما إنه من غير المستحب – في مجال الصحافة – أن يكون الاسم مسبوقاً بلقب أو رتبة أو منصب مثل دكتور ، مهندس ، عميد ، عمدة..
*أما الطول (الأعجب) – والذي نختم به كلمتنا هذه – فهو الخاص بأعمار بعض أنظمة عالمنا الثالث..
*فمن غير المنطقي – ولا الأخلاقي – أن يظل نظامٌ ما حاكماً لأكثر من ربع قرن من الزمان ثم يطمع أن (يزيد!)..
*بل حتى في الدين غير مرغوبٍ التطويل هذا استشهاداً بقول نبينا الكريم لمعاذ بن جبل – وقد شكا الناس من طول صلاته – (أفتان أنت يا معاذ ؟)..
*والآن – في بلادنا – شكا الناس من (طول) عنت ورهق ونصب والحركة الإسلامية تطالب منسوبيها بـ(الأوبة إلى الله !)..
*بعد خمسة وعشرين عاماً من الحكم باسم شرع الله تطالبهم بالعودة إلى الله..
*طيب أين كانوا هم – كما تساءلنا من قبل – (طوال) السنوات الماضية هذه؟!..
*إن كانوا بعيدين عن الله فأحسن أن (يؤوبوا إلى منازلهم !!!).

[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الأهرام اليوم

تعليق واحد