المعارضة قد تنتظر ٢٥ عاماً أخرى
صاحب النزوة العابرة دائماً يصب كل تفكيره في موضع تحقيقها وإشباعها، وحين تشتد عليه الحالة يتعطل تفكيره بالكامل ويبدو مندفعاً منفلتاً في خطواته سيء الشكل والمظهر، على عكس صاحب الهدف المخطط فهو يحسن تحديد خياراته ويعد نفسه للتغلب على العثرات التي قد تعرقل طريقه لتحقيق الهدف ووصوله إلى غايته بالسلامة.
الآن الحال التي عليها قيادات وزعامات المعارضة تؤكد لنا أن الكثير من تلك التنظيمات حاسة الشم لرائحة السلطة هي التي تقود نشاطها وخطواتها بعد أن تيقنت أن الحكومة لم تعد ترغب في التمسك بالنهج الشمولي القديم بتلويحها بكرت الحوار وطرحها لمبادرته وكأن الحكومة قد رفعت الغطاء عن ماعون طبيخ السلطة بنفسها لتفوح الرائحة الجاذبة للأنوف.
الجبهة الثورية سال لعابها وتحفزت لاختطاف الإناء بكل ما فيه، أما تحالف أبوعيسى فشعر بالإحباط لكونه لم ينل شرف فتح الإناء وإزالة الغطاء بيده فقرر (الحردان).
الترابي على يقين بنصيبه وهو الوحيد حتى الآن الذي التزم وانتظم في البقاء جالساً بهدوء منتظراً على الطاولة برغم تزاحم الآخرين على نافذة المطبخ، منهم من يريد أن يخرج أمام الناس حاملاً مائدة التغيير بيده ومنهم من وقف خلف الجبهة الثورية التي تريد التسلل عبر النافذة الخلفية.
مبادرة الحوار كشفت حقيقة القوى السياسية التقليدية والحديثة المعارضة وفتحت باب (القبة) الخالية..
أما المؤتمر الوطني فتعافى لتوه من صدمات قديمة كانت قد حدثت للإسلاميين في التجربة الديمقراطية الأخيرة جعلتهم يكفرون بالديمقراطية ويختارون درب الإنقلاب، لم يتعاف الإسلاميون من صدمة الديمقراطية الثالثة حين توافقت القوى السياسية على إسقاط الترابي في أقوى الدوائر المضمونة، فكفر الإسلاميون بعدالة الديمقراطية كونها تتيح تحالفات إقصائية مثل تحالف دائرة الانتفاضة ثم أدرك الإسلاميون أن توافق الجميع ضدهم يعني أن يختاروا طريقاً آخر هو التحالف مع الجيش.
تعافى الإسلاميون من هذه المرارة بعد ٢٥ عاماً من الحكم وقدموا مبادرة للحوار بإقرار نبيل بأن يتم التغيير بواسطة الجميع وبأيدي الجميع.. طرحوا تلك المبادرة بعد أن تحللوا من مخاوفهم القديمة. لكن رد فعل المعارضة كان محبطاً أربك اطمئنان الوطني لقراره ومبادرته تلك فعاد زاهداً في جمعهم وزاهداً في الإلحاح عليهم بالإنضمام لها.
المعارضة تضيع أكبر فرصة لتصالح حقيقي في السودان، كان من الممكن أن تتجاوز في سبيله أية هنات متوقعة من حزب حاكم لربع قرن وعصي عليه أن يتخذ مثل تلك الخطوة بسهولة.. لكنه اتخذها ولو بنسبة ثمانين بالمائة فإن إثبات ذكاء المعارضة في إكمال وإتمام تلك النسبة وإتمام قناعة الوطني بالانتقال لمربع الديمقراطية بدلا عن صده عن الخطوة وإغلاق غطاء السلطة وبوابة المطبخ من جديد بزعم واهم أنهم قادمون لكسر الباب بالقوة..
و٢٥ عاماً أخرى قد ينتظرون..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي
ده شنو المقال الكلو طبيخ ده انتهازية مقيتة تشبهك