الوجع الحميد
وﻻ ﺯﻟﺖ على عادتي القديمة.. ﺃﺻﻤﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺆﻟﻤﻨي أمر ما.. لا أعرف هل هو ضعف أم خوف أم طيبة!
ﺛﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮنني ﺑﻬﺪﻭﺀ واستنكار ربما ليستمروا في إيلامي: (إنتي ﺯعلتي؟..)
ﻓﺄﺟﻴﺒﻬﻢ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ: (ﻻ.. البيزعلني شنو؟) وقلبي ينزف من وجع الجحود أو الخذلان أو الفراق.
أﻋﻠﻢ ﺟﻴﺪﺍً أﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻘﺴﻮ ﻋﻠﻴﻨﺎ.. ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳقرر ﺍﻟﺤﻆ أﻻ ﻳﻘﻒ ﺑﺠﺎﻧﺒﻨﺎ.. وقد يعجز الآخرون عن فهم طبيعتنا ومقدار رهافتنا.. ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪﺭﻙ أﻥ ﻛﻞ شيءﺀ ﻣﻜﺘﻮﺏ، ﻧﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ.
ﻻ ﺃﻧﻜﺮ أنني ﻳﻮﻣﺎً قد ﺳﺌﻤﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. ﻭﻻ ﺃﻧﻜﺮ ﺿﻌﻔﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ.. وشعوري المقيت بالعجز والأسي والحنق.. وكثيرا ما اجتاحني الندم وسيطرت (لو) على تفكيري وإحساسي.. ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺪﺍﺧﻠﻲ ﺭﻭﺡ خفية.. وقناعة مطلقة ﺗﻤﻨﺤﻨﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ.. ﻛُﻠﻤﺎ ﺗﺬﻛﺮﺕُ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺣﺐ ﻋﺒﺪﺍً اﺑﺘﻼﻩ.. وأن (الرضا بالمقسوم.. عبادة)!
إذاً.. عيشوا ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ.. ﻓﺎﻷﻓﻮﺍﻩ ﻟﻦ ﺗﺼﻤُﭟ وﺍﻷﻟﺴُﻦ ﻟﻦ ﺗﺘﻮﻗﻒ.. والأحلام لن تتحقق كلها.. والبعض لن يكون أبدا كما نتمنى..
ﺗﻐﻴﺮﻧﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍً.. ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮﻑ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺳﻮﻯ ﺃﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. وكثيرا ما أشعر أن معظم كلماتي وتصرفاتي تحتاج لمحام للدفاع عنها.. فهي تصدر عني بحسن نية.. ولكن البعض يجرمها!!
ﻳﻌﺠﺒﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑغضبه.. ويواجهني برأيه.. وحقيقة انطباعه ووجهة نظره.. ﺃﻭ ﺑﺎﻧﺰﻋﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻑ ﺑﺪﺭ ﻣﻨّﻲ.. ﻷﻧﻪ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻲ طرقا ﻟـﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﺴﺒﺐ. ﻋﻜﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﺘُﻢ مشاعره.. ثم ﻳﻨﻬﺶ ﻟﺤﻤﻲ ﺑﺎﻟﺨﻔﺎﺀ ومن خلف ظهري ويروج لانطباعات سيئة عني!..
ﻛﻮﻧﻮﺍ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ ﻓﻠﻴﺲ ﻷﻋﻤﺎﺭﻧﺎ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻣﺆﺟﻠﺔ ﻟﻠﺘﻮﺿﻴﺢ..
ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﻤﻠﺢ ﻭﻟﻮﻥ ﺍﻟﺴﻜﺮ.. لكليهما ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻠﻮﻥ.. ﻟﻜﻦ ﺳﺘﻌﺮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ.. ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮ.
ﺗﻌﺠﺒﻨﻲ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺮﺍقية ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺮﻡ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻭﺗﺤﺘﺮﻡ ﺍﻟﻐﻴﺮ.. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﺑﻌﻤﻖ.. ﺗﻄﻠﺐ ﺑﺄﺩﺏ.. ﺗﻤﺰﺡ ﺑﺬﻭﻕ.. ﻭﺗﻌﺘـﺬﺭ ﺑﺼﺪﻕ.
ﻟﺴﻨﺎ ﻣﺠﺒﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﻟﻤﻦ ﻳُﺴﻲء ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻨﺎ.. ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻓﻨﺎ ﺟﻴﺪﺍً ﻳﻔﻬﻤﻨﺎ ﺟﻴﺪﺍً.. ﻓﺎﻟﻌﻴﻦ ﺗُﻜﺬﺏ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺇﻥ ﺃﺣﺒّﺖ.. ﻭﺍﻷﺫﻥُ ﺗُﺼﺪﻕ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺇﻥ ﻛَﺮﻫﺖ.
ﻧﺼﺎﺩﻑ ﺃناسا ﻳﺤﺒﻮﻧﻨﺎ.. ﻭآﺧﺮﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﺃﺣﺒﺒﻨﺎﻫﻢ..
ﺍﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺤﺒﻚ.. ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﻦ ﺃﺣﺒﺒﺘﻪ.. ﻓﻤﻦ أﺣﺒﺒﺘﻪ ﻫﻴﺄ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻓﻘﻂ.. ﻭﻣﻦ أﺣﺒﻚ ﻫﻴﺄ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﻌﻄﻴﻚ ﻓﻘﻂ..
ﻛُﻦ أﻋﻤﻰ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﻻ ﻳﻌﺠﺒﻚ.. ﻭﻛُﻦ أﺻﻢ ﻟﻜﻞ شيء ﻳﺠﺮﺣﻚ.. ﻭﻛُﻦ ﻣﺘﺒﻠﺪا ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﻳﺆﻟﻤﻚ.. ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻌﻴﺶ ﺳﻌﻴﺪا..
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻭﺍﻟﺤﺴﺪ.. والوجع الحميد في العادة يؤلم.. أما الوجع الخبيث فلا يؤلم ولكنه يباغتك على حين غرة.. ففيم ﺍﻟﺒﻐﺾ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﻗﻄﻊ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ؟!..
ﻏﺪﺍ ﺳﻨﻜﻮﻥ ﺫﻛﺮﻯ.. ويوارينا التراب.. وتنسانا الحياة وأهلها.. ﻓﻘﻂ يبقي العمل الصالح والمواقف النبيلة.. فاﺑﺘﺴﻤﻮﺍ ﻭﺳﺎﻣﺤﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺀ ﺇﻟﻴﻜﻢ.. لأن اﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻗﻠﻮﺑﺎ ﺳﻠﻴﻤﺔ ونوايا طيبة والكثير من النقاء والصبر والاحتساب…
تلويح:
العمر لحظة.. فلماذا نمضيها في البغضاء؟!
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي