لا بحبوحة بعد اليوم
ليس من باب النافلة أن تتجاوز أحياناً كل تفاصيل الرهق والصعوبة في حياتك وتعمد للقفز فوق الواقع ولو لبعض الوقت، من أجل تصور ملمح للمستقبل الناصع الذي يستعصي أحياناً مجرد تخيله طالما حصرنا أنفسنا في مرارات وقسوة الحاضر.. أي أنه مجرد القدرة على استشراف الغد يعد في مثل ظروفنا نوعاً من النصر.. فاليوم نحن محاصرون بصعاب عدة.. تبدأ منذ انبلاج بدايات اليوم.. لأننا يعوزنا الانضواء في اشكال الحياة المنظمة.. ففي صباح كل يوم تنفلت أسعار المواد الأساسية بشكل بائن ويصبح عسيراً جداً على الكثيرين مجرد توفير أحوج الأساسيات ناهيك عن بعض الرفاه والبحبوحة.. لم يكن احتياجاً منها وهي تقف منافحة صاحب الدكان في شراء «كمشتين» من حبيب الشعب «الفول» بسعر يفوق ما كانت تكتفي منه لإطعام أسرتها الممتدة.. لم تزل من وجهها علامات العجب بقدر ما كانت تحس بالخوف من غد لا تستطيع فيه حتى شراء هذه «الكمشة» من الحبيب الذي يستر عورات كثيرة.. قد لا يكون كثير ممن انعم الله عليهم بسعة وبسطة منتبهاً لتداعيات مثل هذه الحالات القاسية التي تولد الغضب والحنق وربما تذهب بالبعض لحالات أكثر من دفن الأحاسيس لاستعمال طرق أخرى من التعبير الصاخب المزمجر.. لأننا نعرف أن الأمر عندما يصل «المم» فإن الصمت يصبح ضرباً من الوهم والارتجال.. وساستنا الذين يكلفون أمورهم الشيء والأشياء يسقطون من سياستهم ضبط ومراقبة الأسواق، بل أن بعضهم له تقاطعات مباشرة مع الوضع.. ولأن المواطن المضطر لا وجد له في مضابطهم وأجنداتهم ومخرجات ما يجتمعون وينفضون من أجله مكانه.. تظل الشقة كبيرة بينهم ومواطنيهم.. لذلك يزهد الألف في هذا الوطن ويخرجون منه دون التفاتة وداع أو نظرة حانية لماضٍ جميل كان يوماً.. وهذا الإنسان السوداني النبيل بات مجرد «علكة» يلوكونها عند الضرورة ثم يتفلونها حالما انتهى الدور وأدركوا أجندتهم.. يا هؤلاء استيقظوا فقد فاض الكيل بالناس، حتى صار الحزن أول تعبير تلاحظه على وجوههم.
٭ آخر الكلام
متى يكون من حق المواطنين الإحساس بهيبة تنظيم حياتهم، وأن هناك من يلحظ ويتابع ويتدخل في الوقت الذي يتطلب ذلك.. أدركوا «محمد أحمد» فقد بعدتم عن الإحساس به واكتفيتم ببعض الحلول العاجزة..
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email] كيمياء المطر