عدل الطبيعة
تحدثني عن الظلم.. عن تبعاته وموبقاته وملامحه الواضحة في تردي المجتمعات وفساد الأمم.. تحدثني حديث العارفين.. وأنا أنصت إليك صاغرة بانبهار وإعجاب.. وكأنني ألمح فيك (عمر بن عبد العزيز) يمتشق عدله القاطع ويمشي بين الناس، فلا يعد في الأمة مسكينا أو صاحب حاجة أو مغبونا توسد حنقه ونام ودمع القهر في عينيه.!!
وكم لحديثك من حلاوة.. وعليه طلاوة.. تسبغ عليه المنطق والموضوعية، وتزيَّنه بأسلوبك الجاذب ولغتك الرفيعة.. تضفي على صوتك تلك الحماسة المؤثرة وتصرعنا بكاريزمتك الشهيرة، فلا نملك سوى الاستمتاع والاقتناع والتأييد وربما الهتاف لأفكارك البراقة وشخصيتك الفخيمة.!
نحن يا سيدي عبيد في بلاط جلالتك الفخيم.. تحكمنا بسطوة علمك الغزير وذكائك المتقد وفراستك وكياستك وخبرتك الواسعة في قراءة الوجوه والأفكار.!
إنها جميعا من دواعي فخارك واعتدادك وأسباب شعورنا الدائم بالدونية والضآلة أمام قامتك الإنسانية المتحضرة المديدة.. فتجدنا دائما منقادين وراءك.. نسلمك قيادة أرواحنا ووجداننا وأذهاننا بكل ثقة واحترام. كيف لا ونحن ما فتئنا نكتشف بعد نظرك وحكمتك في كل الأمور.!؟
كل السوابق حسمت لصالحك.. وكل تنبؤاتك باءت بالصدق.. وكل توقاعتك جاءت كما هي حتى لم يعد لدينا أدنى شك في أنك الأفضل والأنبل.!!
عيوننا تتعامى عن مناقبك.. ونجمع كل المحاسن لنضعها عند قدميك.. لا شيء يوازي رضاك عنا واصطفاءك لنا.. ولا سعادة تضاهي انتماءنا لك وقربنا منك ودخولنا في حماك.
فهل كان كل ذلك محض ادعاء منك ومحض سذاجة منا.؟
هل كان المغرضون على حق حين أكدوا لنا يوما أنك شيطان في ثوب ملاك.؟
تحدثني عن الظلم وأنا أبصم على كل ما تقوله بالعشرة.. أسرح معك بخيالي الواسع الذي أعاني أبدا منه.. وأرى بعين الوهم كم أنت رائعا وموضوعيا، عميقا وحكيما.. خبيرا واستراتيجيا في كافة الشؤون..
ولكن عنّ ليَ اليوم أن أسألك.. هل تعد القسوة ظلما؟.. وهل يدخل التجاهل والحرمان وجرح الحبيب ضمن أشكاله.. أم أن لظلمك لي وجه آخر.!؟
الحقيقة ياسيدي: (أنا شفته ناس ظالمين كتير.. بس إنت أظلم من ظلم).!!
تلويح:
عدل الطبيعة جعل.. جور الحبيب مسموح
أنا بهدي ليك الحب.. حب من فؤاد مجروح
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي