فن التعايش
الحكايات المتكررة والمتشابهة التي تلتقطها آذاننا من جميع الاتجاهات عن الأزواج الذين لم ينجحوا في تحقيق التوازن اللازم لحياواتهم الزوجية، فانتهت إما بالطلاق والفراق بكل ما يترتب علية من آثار جانبية سالبة اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً.. وإما بالإبقاء على الإطار الخارجي للزواج مع كامل الخواء والعداء والجفاء داخلياً!!
كل تلك الحكايات وغيرها على كافة أصعدة العلاقات الإنسانية تحدث فقط لأن بعضنا لم يتقن فن التعايش.. ولم ينجح في تحقيق معادلة الصعبه.. وإنزالة عملياًالي أرض الواقع.
والتعايش- حسب تقديري الشخصى-هو المزيج السحري ما بين المحبة والصبر والتسامح.. وهو المثلث الذهبي الذي يمكنك من تحقيق الكثير من السعادة والتوافق مع إنسان لا تحتمل مرارة خلافاتك معه! فيكون الجل الأمثل هو ضرورة تعايشك السلمي مع كل تفاصيله الغريبة وتصرفاته الأغرب، التي تثير حفيظتك واستنكارك، وقد لا تتوافق مع طبيعتك البشرية!!
ولكن بدلاً من المحاولات المستميتة لتغيير الآخر والتأثير عليه من الأفضل المضي قدماً في اتجاه احتماله والتعايش معه واحترام تركيبته المختلفة عنك ولاسيما أن الإنسان البالغ الناضج قد يستحيل تغيير طباعة وسلوكه وشكل تفكيره بعد ذلك! كما أنه لا يوجد على ظهر البسيطة من هو على تمام الكمال الإنساني والأخلاقي، أو فارس الأحلام الذي يشبه تلك الصورة النقية والمثالية الحالمة، وربما الملائكية التي رسمناها في خواطرنا لشريك الحياة!!
لذا وجب علينا قبول الآخر كما هو.. وعلى علاته.. علماً بأننا بالمقابل لنا عيوبنا ومثالبنا وللآخرين ذات النظرة والتحفظات تجاه تصرفاتنا وأفكارنا ومظهرنا!
لن تنجح صداقاتنا ما لم نتعايش مع أصدقائنا ونتقبل تباينهم.. ولن تنجح قصصنا العاطفية إلا إذا أدركنا حقيقة أن الطرف الآخر لايمكنه – على الإطلاق – أن يكون نسخة مطابقة منا.. وأن ردود أفعاله وتصرفاته قد لا تجيئ أبداً وفق توقعاتنا ورغباتنا!
والأهم من كل ذلك.. علينا كنساء أن نستسلم لقناعة تامة بأن طبيعة الرجال الفيزيلوجية والسيكلوجية تختلف تماماً عن طبيعتنا كسيدات.. وأننا مهما بلغنا من الكيد والدهاء والذكاء والقدرة على الاحتواء، لا يمكننا أن نصل لماهية الأسرار الخفية للطبيعة الذكورية.. والعكس صحيح!
فالخلطة النسائية السرية ستبقى سرية.. ولن يستطيع أبرع الرجال الجزم بأنه سبر أغوارنا ومعرفة ماهية شعورنا وتفكيرنا.
إذن.. تعالوا نتعايش.. ونتسامح.. ولا نقف طويلاً عند الصغائر.. ونتجاوز خلافاتنا العارضة عن طيب خاطر.
دعونا لا نتربص للآخر.. ونلتقط هفواته.. ونستغل ضعفه البشري أحياناً.. ونستخدم كل ذلك في الهجوم عليه ومحاولة التقليل من شأنه أو هزيمته.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحول الرحمة والمودة والسكن إلى ساحة للمعركة.. لا يشغلنا فيها سوى إلحاق الهزائم بالطرف الثاني أو الشكوى المستمرة منه ومحاولة إقناع كل الدنيا بأنه لا يستحق حبنا وشراكتنا.. لأنه ببساطة الإنسان الذي اخترنا طائعين الحياة معه في الوقت الذي كان فيه الخيار بأيدينا.. قبل أن يتحول لواقع ذي تبعات.
تلويح:
حين تقرر (التعايش) مع أحدهم.. فتأكد أنك لم تعد تستطيع (العيش) بدونه!
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي