زهير السراج

مرتبات ستات الشاى !!


[ALIGN=CENTER]مرتبات ستات الشاى !![/ALIGN] * نشرت أمس رسالة الاخت علياء حول وحشية وفظاظة موظفى معتمدية امدرمان فى التعامل مع أمهاتنا، بائعات الشاى واللقيمات بشارع مستشفى الدايات بامدرمان بحجة تجميل العاصمة، وقد وصل الامر بأحدهم ــ وهو موظف قيادى بالمعتمدية ــ الى استخدام العنف لارغام نسوة كبار فى عمر والدته على مغادرة المكان بدون ان يرق قلبه لرجاءاتهن وتوسلاتهن ودموعهن ليدعهن يذهبن فى سلام ، إلا أنه أصر على اللجوء للأيدى والاقدام لبعثرة الاوانى ودهس اللقيمات ودلق الشاى واللبن، فى مظهر مؤلم أثار استياء وغضب كل من رآه، وجعله يتساءل .. ( هل هكذا يتعامل الراعى مع رعاياه، وينفذ موظف الدولة القانون والتعليمات ، ويحمى المصلحة العامة التى تقتضى الاعتدال فى استخدام السلطة وحماية حقوق المواطنين، وتوفير أقصى درجات السلامة والحماية والاطمئنان لهم حتى لو كانوا متهمين فى نظر القانون، او بعد إثبات الجرم عليهم، أم أن كل من يملك بعض السلطة يستطيع ان يفعل ما يشاء فى الذين يخضعون لسلطته … يضرب ويدوس ويهرس ويشتت اللقيمات فى الشارع ويدلق الشاى واللبن ويستأسد على الضعيفات الفقيرات المسنات، اللائى يتعففن عن سؤال الناس ويخرجن للعمل لا يبالين بكبر أو مرض أو تعب ليأكلن لقمتهن ويقمن أود ابنائهن بما يرضى رب العباد) ؟!

* هل سأل هذا الذى يضرب ويدوس ويهرس، نفسه .. ماذا فعل لمساعدة هؤلاء النسوة الكريمات العفيفات المتعففات ليكسبن رزقهن ويصرفن على طعام وتعليم وعلاج أولادهن، قبل أن يطأ بأقدامه فوق أدوات هذا الكسب ويبعثرها بلا مبالاة أو شفقة ورحمة سعيا وراء جمال مظهرى زائف لن يدوم ولن يبقى ما بقى الفقر هو البطل والنجم فى بلادنا؟!

* كيف يريدها سيادته عاصمة جميلة بدون أكشاك وعربات كارو ورقشات وبائعات شاى وكل الاحصائيات الرسمية تشير الى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة واضطرار الناس الى الاعمال البسيطة لكسب عيشهم، فإذا كانت خطة الدولة أو المعتمدية هى محاربة هذه الاعمال من أجل عاصمة جميلة فمن أين سيأكل الناس ويقضون حاجاتهم الاخرى؟

* ثم يا سيدى معتمد أمدرمان أو أى معتمد آخر أو الذين ينفذون أوامرهم، يجب أن تعلموا أن وجود هذه الاعمال البسيطة ونموها وازديادها هو بسبب الحاجة إليها، وإلا لما خرجت إمرأة مسنة من بيتها وجلست تحت الشمس الحارقة لتبيع الشاى، او ركب شيخ مسن عربة كارو وخرج يبحث عن رزقه، أو، أو، أو … إنها مسألة عرض وطلب، وهى من أبسط النظريات الاقتصادية التى يعرفها أقل الناس بساطة!! لولا الحاجة الى الشاى أو الكارو أو الرقشة أو الحنطور أو أى شئ آخر، لما كانت هذه الاعمال ونمت واستمرت !!

* إذا كنتم تريدونها عاصمة بلا أكشاك وستات شاى وعربات كارو ورقشات ، وفروا للمواطنين البديل المناسب بما يتناسب مع المستوى المعيشى والاقتصادى والاجتماعى للبلد وللمواطنين، واعطوا الذين ستحرمونهم من اعمالهم البسيطة ومصدر رزقهم ، حق الاكل والتعليم والسكن والعلاج ، مثلما يحدث فى بعض الدول التى تلزمها قوانينها بإعطاء المقابل المادى الادنى الذى يغطى المصروفات الاساسية للذين لا عمل لهم، لأن توفيرفرص العمل المناسب هو بكل المقاييس الاقتصادية والاخلاقية مهمة الدولة وليس المواطن الفرد !!

* فعلها من قبل المرحوم الشريف حسين الهندى عندما كان وزيرا للمالية فى النصف الثانى من الستينيات فى القرن العشرين، فسخر الناس منه وانتقدوه على مكافأة( العطالى) ، ولكنه كان على حق والذين سخروا منه على عكس ذلك، فإذا كنتم تريدون عاصمة بلا ستات شاى، فاعطوا ستات الشاى مرتبات ليجلسن فى بيوتهن ، واقيموا كافتيريات لبيع الشاى للمواطنين بما يتناسب مع عاصمتكم الجميلة !!

drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 27 يونيو، 2009


تعليق واحد

  1. شمس حارقانا ولقمتنا حلال
    خلونا نعيش ونمشى الحال
    ونربى عيالنا وفينا امال
    للصبر حدود وللذل اغلال
    يرحمنا المولى وباقى الفال
    الرحمه حنينه والذنب سؤال

  2. العزيز دكتور زهير ، متعك الله بالعافية
    سؤال بسيط .. كيف تصدر القرارات عندنا ؟ وتندرج تحته عشرات الاسئلة مثل ماهي الايجابيات وماهي السلبيات للقرار ؟ وماهي الالية لتنفيذه ؟ وما هو الوقت المناسب لذلك ؟ والاهم .. من هم اللذين ينفذونه ؟ معظم قراراتنا هكذا ..وتكون نتائجها ايضا هكذا !!! حمى الله الفقراء في بلادنا وحقق لهم سبل العيش الكريم ، ونامل ان نسمع ردا يشفي الغليل … اللهم امين

  3. حسبى الله ونعم الوكيل
    سؤال: الا يوجد رجال فى ذلك المكان والزمان؟
    والله لامر محير

  4. هؤلاء تحجرت قلوبهم فقد شبعوا حتي لم يعد لديهم احساس بمعاناة الاخرين والظروف التي اضطرتهم للجلوس الساعات الطويلة في هجير الشمس وصدقني دكتور زهير هم يريدون انشاءهذه الكافتريات ولكن لمصلحتهم أو من يواليهم … ذنب هؤلاء النسوة في رقبتهم يوم الحساب وهو ات لاريب في ذلك فليدركو بعدها أي منقلب سينقلبون و .. حسبنا الله ونعم الوكيل ..