داليا الياس

الصمت البليغ

[JUSTIFY]
الصمت البليغ

* كلما ألجمني جورك وناوشتني قسوتك.. أقرر أن أعاقبك بالصمت!! والشاهد أنني في الحقيقة أعاقب نفسي أولا، فالأمر يحتاج مني أن أبذل كل يوم جهد الأنبياء حتى لا انهار أمام انفعالاتي الداخلية وما يعتمل بخاطري من حنق مشوب بأسئلة مشروعة تبحث عن إجابة.لم يعد أمامي خيار سوى صومي عن الكلام.. فالخوض في حوارات ممجوجة معك لا يسلمنا إلا للاختصام والخلافات المعلنة بنتائجها غير محمودة العواقب.. لم أعد أريد أن أرفع صوتي في حضرتك بالقدر الذي يرفع معدلات ضغطي واحتمالات إصابتي بالذبحة الصدرية.. رغم أن هذا الصمت المؤلم قد يصيبني حتما بالسكتة القلبية ليكون سكوتا أبديا.. ترى لماذا أصبحت علاقتنا على فوهة بركان.؟ لماذا داخل كل منا مرجل يغلي في انتظار رفع الغطاء؟. لماذا تتصيد أخطائي وأترقب هفواتك؟. لماذا هذا العداء الذي يغلف وجودنا معا في أي مكان.؟.. كيف تحولنا أندادا بعد أن كنا أحبابا.؟ وهل للأمر علاقة بالرتابة والملل الذي تفرضه العلاقات المشروعة طويلة الأمد أم شعورنا بالإحباط وسوء الاختيار وصدمة كل منا في الآخر.؟

* لا أنتظر منك تحديدا الإجابة.. فأنت تفتقر في نظري للموضوعية.. وستجدها حتما “فرصة” ملائمة للتهكم وإسقاط المسؤولية إجمالا على رأسي باعتبار أني السبب الحقيقي في الأزمة العاطفية التي نحياها بحسب اعتقادك. ولا أعرف على وجه الدقة هل هو اعتقاد نابع عن قناعة مطلقة أم أنه أيضا مجرد محاولة جديدة لاستفزازي والنيل مني في إطار هذه الحرب المشبوبة؟!. فإن كانت هذه قناعتك فعلا، فسيكون هذا آخر المطاف. أما إذا كان ذلك منك لمجرد المناكفة، فسيدل على أن هناك بعض الأمل في أن تشفى هذه العلاقة المسكينة من هذا الوباء الذي هجم عليها.. فالرجل الذي يمعن في استفزاز المرأة ويجتهد في إغاظتها هو بلا شك لم يفقد بعد اهتمامه بها وتفكيره فيها.

* في كل الأحوال.. يبقى الصمت ملاذي الأخير بعد أن فشلت كل محاولاتي للتواصل الإنساني معك والوصول لحل جذري يرضي جميع الأطراف ويحدد الشكل الطبيعي الحميم لهذه العلاقة الوطيدة..يمكنك أن تسمي هذا الصمت هروبا إلى حين.. أو هدنة طويلة الأمد.. أو عقوبة مشروعة آمل في أن تجدي معك نفعا، فإن كان حبك لي لا يزال مشتعلا تحت الرماد، فسيعيد هذا الصمت والجفاء له جذوته لأنك ستفتقدني لا محالة.. وستستعيد ذكرياتي الطيبة معك وأنت تعقد المقارنات بين ما كنا عليه وما أصبحنا فيه. أما إن لم يحدث.. فلن يعدو الأمر كونه حبا قد مات.. فالحب أيضا يموت بفعل الصمت والإهمال.. ولم تكن الأولى سوى نتيجة للثانية.. وحتى يتحدد موقفك من هذه العلاقة الشائكة القابلة للانفجار.. سألتزم الصمت.. واجعل وباءه ينخر عظامها ويستشري فيها.. حتى وإن كان على حساب أعصابي ومشاعري وطاقتي للاحتمال.. فالصمت أبلغ حين لا نقوى على نطق العبارة.. وفيه بعض الكبرياء.

تلويح:شيئان يفسدان الحب.. الصمت والإهمال.!!

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي