إنتاج سياسي.. فشل اقتصادي
قيل إن رجلا يحمل مسبحة لالوبية ألفية ضخمة قد دخل إلى أحد المساجد ليصلي ولم يحسن الصلاة.. فقال له أحد المصلين ممن يعلمون فقه الصلوات والعبادات.. يا أخ الإسلام إنك لم تحسن الصلاة.. فقال الرجل الدرويش.. انتو قايلين القصة صلاة! فسأله الرجل العالم.. إذن ما القصة يا رعاك الله.. قال “القصة لالوب بالليل سااااكت” !!
الذين يقرأون هذه الزاوية ربما يلاحظون انغماسها كليا في الفترة الأخيرة في قضايا الزراعة والإنتاج والاقتصاد.. وكأني بأهل السياسة يمدون إلينا ألسنتهم بأن القصة ليست اقتصاد ولكنها (سياسة سااااكت) !!
أطربني جداً مقال الأخ مزمل منذ يومين، وهو يصرخ في القوم بأن الجماهير والبلاد قد أصيبت بالتخمة السياسية مما أفقرها وأقعدها اقتصادياً.. نريد في المقابل فعلا اقتصادياً ملموسا تتحرك على وقعه ماكينات الإنتاج وتزدهر على إثره حقول الزراعة.. ويتحول على حصافة طرحه المزاج العام السوداني من أرصفة التسكع إلى حقول الإنتاج.. ولينتفض الشباب الذين يتسورون أحزانهم ومستقبلهم المجهول وستات الشاي إلى المشروعات المحفزة التي أعدتها الحكومة بعناية فائقة!!
شعوب كثيرة حول العالم مرت بحالات قنوطنا وقعودنا هذا.. غير أن رجلا عبقريا في كل مرة كان مربط فرس ورهان نهضة وثورة تلك الشعوب.. ويرفد فكرتنا هذه المفكر الصيني ماو في أربعبنيات القرن الماضي الذي فجر الثورة الخضراء التي وضعت البلاد على طريق الدول الصناعية الكبرى.. وفي العصر الحديث تخدم أطروحتنا تجربة العبقري الماليزي مهاتير محمد.. على أن الأزمة لم تكن يوما أزمة شعب.. بدليل أن السودانيين لما توافرت لهم مقومات ومحفزات الإنتاج قد رفعوا ذكر دول كانت على هامش التاريخ تعتمد على اللؤلؤ والمرجان وأسماك البحر و.. و..
فالحكومات بيدها أدوات التغيير من فضائيات وجامعات وسلطات تخطيطية وتشريعية وتنفيزية.. فيفترض والحال هذه أن تصنع من هذه المقومات خطة نهضة محكمة تحتشد بالمحفزات وتطرز بالابتكارات.. غير أن فضائياتنا ومنابرنا يسيطر عليها المطربون والسياسيون تماما في ظل غياب الرؤية والرسالة والمشروع!
حزبنا الحاكم من جهته وللحقيقة والإنصاف يضطلع هذه الأيام بعمليات إنتاج سياسية هائلة وضخمة جدا.. لكننا يجب أن نعترف بأن الفعل الاقتصادي والإرادة الإنتاجية المقابلة لا تقوى على تشكيل عشرة بالمائة من هذا الجهد!! أسوأ ما في هذه المعادلة أن المواطن الذي تكاد تهزمه قفة الملاح لا يشعر بأن هذه المؤتمرات السياسية تخاطب أشواقه.. على أن الحكومته في واد وهو في واد آخر!!
أتصور أن حزبنا السياسي الحاكم يعاني أزمة رؤية اقتصادية بالمعنى التخطيطي الاستراتيجي الشامل.. مع احترامي لجهود الصيرفيين بدرالدين محمود وحسن أحمد وإخوانهم من المحاسبين الكبار..
ولنا عودة بحول الله وقوته.
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]