نبايعك على القمح والعدل والفتريتة

أرسل العقيد الفاتح عبدالمطلب قبيل ثورة ثلاثين يونيو إلى مناطق العمليات ضمن متحرك (الوطن الواحد).. ولما بلغ المتحرك مدينة واو التحم بلواء آخر بقيادة اللواء إبراهيم سليمان كان يرتكز هو الآخر هناك ضمن منظومة متحركات تلك الفترة القتالية.. في هذا التوقيت عزفت موسيقى الثورة.. فطلب اللواء إبراهيم سليمان من العمداء الموجودين معهم بتوفير بعض المعلومات عن زميلهم العميد عمر حسن البشير قائد الثورة الجديدة.. فلم يجدوا من المعلومات سوى أن رجل ثورة يونيو هو أقدم العمداء لحظتها وينحدر من منطقة شندي.. فقال اللواء سليمان يكفي أنه ينتمي للمؤسسة العسكرية، ويدرك حجم معاناتنا وظروفنا وسنرسل باسمكم جميعاً برقية تأييد.. فبايعت منطقة واو العسكرية بمرتكزاتها ومتحركاتها الثورة الجديدة.. وهذا تقليد عسكري عتيق، فإذا ماانقلب الجيش على الحكم فإنه يبني في بادئ الأمر شرعيته الأولى على تأييد المناطق العسكرية و… و…

والشيء بالشيء يذكر.. فعلى أثر الانقلاب الديمقراطي الذي وقع في وﻻية نهر النيل الذي أفضى إلى التماع نجم السيد علي أحمد حامد.. تساءل الكثيرون كما اللواء إبراهيم سليمان في متحركاته تلك.. من هو علي أحمد حامد.. فلم نجد إلا معلومات شحيحة.. إنه نائب الوالي وينتمي إلى منطقة الدامر وله اهتمامات زراعية.. وهذا وحده يكفي مؤسسة الملاذات لترسل برقية تأييد مبكرة لدامر المجذوب هذا نصها: سيدي حامد وباسم مؤسسة الملاذات وباسم أجنحتها ومشاعرها ومشروعاتها ومشروعيتها الجماهيرية.. نبايعك على إقامة دولة القمح والفتريتة والعدل.. نعاهدك على السمع والطاعة ما أقمت القمح فينا وإن لم تقمه فلا طاعة لك عندنا و …

واعلم سيدي.. يا رعاك الله.. إننا نستبق المركز بل ننبه المركز أن ﻻ يسرق عرق ديمقراطية الولاية ولا يحور إرادتها وكلمتها.. وقد زفت بالأغلبية والجماهير والدعوات والأنفاس الرجل حامد على صدر القائمة المرفوعة و.. و.. وتلك قضية أعتقد أنها قد حسمت .

وثمة شيء في غاية الأهمية والأولوية.. سيدي الوالي المرتقب.. يتمثل في التيم الذي يفترض أن يعبر معك المرحلة المقبلة ويتحمل بمسؤولية أعبائها وتبعاتعها.. يجب أن تكون كالنجار في هذه الحالة.. فالنجار يقيس سبع مرات ويقطع مرة واحدة.. وﻻ تقبل أن يختار لك الآخرون في غرف الخرطوم المقلقة تيمك ويفصلون لك قمصانك.. ولئن قبلت بالتسليم من أول مرة فاعلم أن كل أشيائك فيما بعد سترسل لك من هناك كما العهد القديم.. يجب أن تكون لك شخصية، فكرتك ورؤيتك، فأنت قد خبرت الولاية وقضاياها وفرص معالجتها و… و ….

ﻻ نود في ديباجة المبايعة ورسالة التأييد وأدبيات التهانئ والتبريكات أن نفسد عليكم الأفراح.. فيفترض أن بيننا بإذنه تعالى كثير من المساحات والأيام لطرح المزيد من المقالات والآراء والأفكار و… و…

من جهة أخرى اندهشت لخبر الأمس.. الذي حرره من هناك بحرفية ومهنية عاليه الأخ الزميل الأستاذ جمال مكاوى.. الذي جاء فيه أن السيد الوالي الفريق الهادي عبدالله المنتهية صلاحيات جماهيريتيه بصدد إجراء تعديلات كبيرة.. صحيح أن صلاحياته في الحكومة مستمرة إلا أنها منزوعة الشعبية والجماهيرية بعد أن قالت ماكينات الديمقراطية كلمتها.. وعلى سعادته أن يكون في وضع أقرب لحكومة تصريف الأعباء.. تاركا القرارات الكبيرة لخلفه الذي سيأتي على كتوف وصناديق الجماهير.. اندهشت لنية الرجل بعمل تغييرات كبيرة في حكومته التي تلفظ أنفاسها الأخيرة.. على أن هذا الأمر إن حدث سيوضع في سياق أدب الانتقام من الأجهزة والمحليات والمؤسسات التي لم تقف معه وتسانده!

مهما يكن من أمر فإننا نفتخر بانتمائنا لوﻻية امتلكت الجرأة والإرادة بأن ﻻ تذهب في مواكب الوالي المقيم كما سارت ركائب الولايات الأخرى و.. و.. فهذه وﻻية وعي وإرادة وتاريخ كما قال رجل الإصلاح رزق يوم أن أُرسل للدامر واليا.. قال يومها.. لقد أرسلت واليا لوﻻية كل أهلها يصلحوا أن يكونوا وﻻة !