ضياء الدين بلال

(ليه يا سلمى؟!) (2-2)


[JUSTIFY]
(ليه يا سلمى؟!) (2-2)

-1-

مرة أخرى نعود إلى الزميلة الصحفية سلمى التجاني التي أعلنت انضمامها لحركة العدل والمساواة بالعاصمة البريطانية لندن.

قلت في الخميس الماضي في خاتمة العمود:
سأقوم بالتعليق على هذا القرار، ومناقشة سلمى في قناعاتها الجديدة، من حيث الفكرة والتوقيت.
سأفعل ذلك وأنا حزين، على انطواء سجل صحفية استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير.
من حق سلمى وغيرها أن تختار لنفسها من المواقف والالتزامات ما يتوافق مع قناعاتها، لا أحد ينكر عليها ذلك.
في المقابل من حقنا على سلمى بحكم الزمالة والعشرة المهنية والواجب العام مناقشتها في تلك القناعات التي شكلت المواقف وحددت الالتزامات الجديدة.
-2-
سلمى استبدلت دورها المهني المستقل في تحري الحقائق وتشكيل الوعي العام عبر المعلومات والتحليل بما هو أدنى، أن تصبح عضواً في حركة احتجاجية مسلحة.

حينما أرسلت لي سلمى كتابها الأول: (شظايا الأحجية…سياحة صحفية وسط نيران صديقة)، كتبت لها معلقاً:
كل ما أتمناه، ألا تتنكر سلمى لخطها القديم في الموضوعية والتجرد وألا يكون ضباب لندن قد شوش عليها رؤية الأشياء، وألا تكون قد أعادت ما كتبت وقتذاك بصورة تتماهى الآن مع ظلال ورائحة المكان.
عزيزتي: سلمى
ما فعلتيه وقتها لم يكن سياحة بل مغامرة محفوفة بالمخاطر
ولم تكوني حينذاك على صداقة مع أسلحة المتقاتلين من هنا وهناك، كنت حينها صديقة الضحايا المساكين وعدوة لتجار الحرب!
-3-
أكثر ما أزعجني أن سلمى بدأت مشوارها الجديد بمحاولة تنكر لماضيها المهني.
قبل أيام معدودة أعادت إحدى الصحف مادة صحفية لسلمى التجاني من أيام العزيزة (الرأي العام)،واستغل بعض المعارضين الإسفيريين ما نشر في شن هجمة عدوانية على سلمى بطريقة النحل الهائج.
في السابق لم تكن سلمى تكترث لمثل هكذا هجوم ولا تتأثر به، بل كانت تزدريه بالتجاهل وتصده بالابتسامات المضادة.
كانت المناعة النفسية والمهنية لسلمى تمكنها من الثبات على قناعاتها والدفاع عنها – إذا دعت الضرورة- بقوة وثبات.
في الهجوم الأخير ما بعد نشر المادة القديمة لم تعد سلمى في غربتها قادرة على الصمود والدفاع عن ماضيها المهني المشرف، فكان الاستسلام لما كانت تناهضه بالأمس!
-4-

ربما اختارت سلمى إغلاق باب المزايدات والاتهامات عليها بالصعود إلى أعلى الجبل وإعلانها تبني فكرة أن السلاح هو الوسيلة الوحيدة للتغيير، فكان خيارها الانتماء لحركة تجاوز نشاطها العسكري الجغرافيا السودانية إلى دول الإقليم.
حركة العدل تقاتل الآن في دولة جنوب السودان وتستعد للدخول في المعارك الليبية وليس من المستبعد أن تلحق نفسها في وقت ما بالقتال في أوكرانيا!
حركة مسلحة ذات نزوع قبلي حاد، ليس لها وسيلة لتصفية الخلافات في داخلها إلا عبر ذبح المخالفين مثل ما حدث مع أركو ضحية ومحمد بشر وغيرهم وغيرهم.
-5-
أسوأ ما في فكرة العمل المسلح بدارفور التضحية بالمواطنين البسطاء من أجل تحقيق طموحات المغامرين.
عبد الواحد في باريس وجبريل في لندن ومناوي في يوغندا والضحايا بمعسكرات النزوح!
مترتبات التغيير المسلح وثماره حاضرة الآن في المنطقة والإقليم:
ليبيا- العراق- اليمن- سوريا- مالي- أفريقيا الوسطى.
-6-

ما أروع ما كتبه الدكتور الواثق كمير في سلسلة مقالاته الأخيرة، (إلى قوى التغيير: هل نعيدُ اختراع العَجَلَة؟).
محاولات التغيير عبر العمل المسلح تؤدي لانهيار الدول وتفكيك المجتمعات،من جاء بالسلاح سيذهب بالسلاح ولن يبقى إلا الدمار.
المعادلة هي المعادلة:
إذا تمكنت الجبهة الثورية أو حركة العدل والمساواة منفردة من الوصول للسلطة في الخرطوم عبر العمليات العسكرية المتحركة من الأطراف إلى المركز، ستخرج داعش أخرى من الصحراء لإعادة إنتاج المأساة!
-7-

من حق سلمى معارضة النظام بكل الوسائل السلمية من أي مكان ولكن ما لا يشبهها أن تتبنى العمل المسلح من مأمنها بلندن ليسدد فواتيره البسطاء المساكين في الطويشة والطينة ومعسكرات النازحين!
عزيزتي سلمى:
للحفاظ على الوطن، لا طريق لإحداث التغيير سوى بالحوار الجسور أو المعارضة السلمية الدؤوبة، السلاح هو الأزمة وليس الحل!
قالها المهاتما غاندي، فعليك أن تعيها:

(ليس هناك طريق إلا السلام فالسلام هو الطريق، العين بالعين تجعل كل العالم أعمى).
مودتي.
[/JUSTIFY] [EMAIL]diaabilalr@gmail.com[/EMAIL] العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. ولكن هل ينفع تحاور سلمى وامثالها كثر مع من لم تتضح هويتهم حتى الآن؟؟