منصور الصويم

تهشم أسطورة رجل البكاء النادر


[JUSTIFY]
تهشم أسطورة رجل البكاء النادر

يحكى أن رجلا عاديا؛ نال شهرة عظيمة لنبله وكبريائه، الذي به نازل صروف الأيام لأربعين عاما، وقيل إنه دشن شهرته هذه لحظة قرصته أمه بعد شهرين من مولده متساءلة: “عاد دا شنو الما ببكي وللا بجوع دا؟” وذكر أنه (صرّ) وجهه وحدجها بنظرة طفلية غاضبة.

قال الراوي: حكى الناس بعدها عن طفل لا يبكي وإن نزعت عنه ألعابه، وعن صبي لا يبكي وإن جلدته، وعن شاب لا تبكيه ملمات الدهر، وعن رجل لم يعرف تذلل الناس أو توسلهم، أو هروب من مواجهة، ولا عزوف عن مشاركة، وأنه حين النجدة يجيئك شاهرا وجهه في وجه الغول.

قال الراوي: اشتهر الرجل وعرف بالذي لا يبكي كبرياء، وبالمقدام ساعة الكوارث، وبالشجاع ساعة (الحارة)، وأنه يكد كدا من (دغشا بدري).. لم ينحن يوما وما أعجزته الظروف حتى بعد أن دفعته دفعا وزحزحته من قريته النائية ليستقر في أطراف (الخرتوم) ويحترف كل مهنة شريفة تصادفه ليربي (عياله) بصبر ونبل يليقان بأسطورة رجل لا يبكي أبدا.

قال الراوي: بدأت قصة تهشم أسطورة رجل البكاء النادر بتحدر دمعتين ساخنتين، ثم تتالت متساقطة الدموع في تصاعد درامي بالغ الأسف.. وحكت (ناموسة) كانت ترافق الرجل الذي لا يبكي مطمئنة إلى محبته الكبيرة، قالت: “فجأة دخل الضيوف، خرجنا أنا وهو، ولجنا الدكان، صاحبه أخذ الكيس ووضع (الحاجات الكتيرة)، دخل رجل، امرأة، وبنت، قال سيد الدكان وهو يمد الكيس، ” دي آخر مرة، اخجل وادفع العليك”،.. ونحن عائدان تحدرت دمعة، مسحها بكفه، عند الباب تحدرت أخرى مسحها بكفه، ابتسم ودخلنا”.

قال الراوي: إذن تكاثرت دموع الرجل، حتى سمي بالبكّاء الأعظم: ارتفع ضغط (الولية)، حق الدواء ما في “دموع متفرقة”، أصغر البنات طردت من الروضة، حق الرسوم ما في”دموع حارقة”، فصل مباغت من آخر مهنة (عمالية) “دموع أسيفة”.. وهكذا إلى آخر دمعات الانهيار المحزنة.

ختم الراوي؛ قال: حادثة الدموع العظيمة التي أطاحت نهائيا بالأسطورة حدثت حين فوجئ الرجل بابنته أو ابنه لا ندري أطيح بها- به في حملة دعارة كبرى.

استدرك الراوي؛ قال: حكى رجل النظام العام شامتا: “العجوز قعد على الأرض وجعر زي النسوان، تلدوا وما تربوا”.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي