أبشر الماحي الصائم

الخرطوم القاهرة.. الشهد والدموع


[JUSTIFY]
الخرطوم القاهرة.. الشهد والدموع

احتدشت الميديا المصرية هذه الأيام وبين يدي زيارة السيد الرئيس إلى الشقيقة مصر.. احتدشت بدراما إعادة إنتاج قضية مثلث حلايب المتنازع على ملكيته بين البلدين منذ عقود عديدة.. على أن قضية هذا المثلث قد أصبحت تيرمومترا لقياس ضغط العلاقات بين البلدين.. فإذا ما حدث توافق بين البلدين انعكس ذلك مباشرة على الوضع في المثلث.. وإذا ما تقاطعت رؤى حكومة البلدين ظهر ذلك جليا في احتدام قضيته في وسائل الإعلام في البلدين ولاسيما الشق المصرى.. وعليه يبدو واضحا أن نظام الفريق السيسي الذي نهض على أنقاض حكم الإخوان المسلمين يرغب في استخدام قضية المثلث كما استخدمها الرئيس الأسبق مبارك.. وها هي أدوات النظام الإعلامية تتحرك مجتمعة الآن لصالح تفخيخ الزيارة قبل أن تبدأ.. وربما أن هنالك قضايا قيد التقايض يراد لصفقتها أن تمضي تحت جسر حملة إعلامية مسعورة.. على أن القضية الاستراتيجية المصرية على مر العصور والحقب والحكومات ليست بطبيعة الحال هي مثلث حلايب وإنما قضية مياه النيل.. وغالبا أن المقصود من وراء عمليات إطلاق دخان كثيف في المثلث.. هو تسجيل نقاط لصالح خدمة تعزيز الموقف المصري من عمليات سد النهضة الإثيوبي، ولاسيما في ظل موقف حكومة السودان المبدئي الذي يقول بالاحتكام إلى الدراسات الهندسية وليس العويل الإعلامي والتهويل السياسي.. على أن في الخرطوم في هذه المرحلة حكومة تمتلك الجرأة للجهر بالقول بأن هذا المشروع إن لم يكن في صالحنا لم يكن في ضررنا.. ربما لأول مرة يخرج السودان من أتون العلاقات العاطفية بين البلدين لمتون أدبيات المصالح.. ولعمري هذا ما يدفع العزيزة مصر أن تحتفل بمثلث حلايب في هذا التوقيت بالذات!!

غير أن البشير الذي عركته التجارب على مدار ربع قرن من تراجيديا وسيناريوهات السياسة الدولية المتداخلة.. على الأقل لن يغرق هذه المرة في دراما المثلث.. فالرئيس يستمسك بمبدئية حق السودان في مثلث حلايب.. وإن لم يتم تسوية الملف في الإطار الأخوي فلتذهب القضية للقانون الدولي وتبقى العلاقات الأخوية بين البلدين.. فلم ولن يكون هناك احتراب أو احتكاك بين الشعبين الشقيقين مهما ذهبت العزيزة مصر في مصرنة المثلث.. فالحق قديم وثابت بما لم يتيسر لجارفة أن تمحو معالمه وتغير خرائطه وسيأتي اليوم الذي يحق فيه الحق و.. و..

غير أن ثمة شيئاً جديراً بالتقريش عندما يسعر خد المثلث.. أعني الماء والتأريخ والأرض والمواقف السودانية.. وإن كنا نبدو فقراء في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة.. إلا أننا أثرياء بما نملك من قيم ومواقف وأرض خصبة وماء وسواعد سمر ومستقبل.. غير أن عافية الإخاء بين البلدين أوسع وأثمن لمصلحة الشعبين من علاقات غربية وإقليمية عابرة.. فمستقبل مصر الاستراتيجي في شراكة حقيقية مع السودان أرضا وماء وإنسانا ومستقبلا.. ومستقبل السودان ومصالحه في استقرار العزيزة مصر ونمو اقتصادها ورفاهية شعبها وآفاق نظرتها وافق حكومتها.. فالقصة أكبر من مثلث حلايب.. فالسودان كله تحت إمرة الشقيقة مصر وفق صيغة تفضي لصناعة الأمن الغذائي العربي.. فلن تقوم لهذه الأمة قائمة إلا يوم أن تجتمع الثروات الخليجية مع المكننة والخبرة والأيدي العاملة المصرية على الأرض والنيل والأنهار السودانية.. حلم تنقصه الإرادة كما قال حسني يوما.. أمريكا لن تسمحش بذلك.. ننتظر اليوم الذي لا نحتاج فيه لإذن من واشنطن.. يرونه بعيدا ونراه قريبا.

[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائم
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]