احلام مستغانمي

ذاك الكتاب !


ذاك الكتاب !
[JUSTIFY] أكان ذلك الكتاب هديّة القدَر؟ أم رصاصته الأخرى؟ أكان حدثًا أم حادثًا آخر في حياتي؟ ربّما كان الاثنين معًا.
ليس الحبّ، ولا الإعجاب، بل الذعر هو أوّل إحساس فاجأني أمام ذلك الكتاب. “ليس الجمال سوى بداية ذعر لا يكاد يُحتمَل”. وكنت مذعورًا أمام تلك الرؤى الفجائيّة الصاعقة، أمام ذلك الارتطام المدوّي بالآخَر.
أيّ شيء جميل هو في نهايته كارثة. وكيف لا أخشى حالة من الجمال.. كان يلزمني عمرٌ من البشاعة لبلوغها.
كنت أدخل مدار الحبّ والذعر معًا، وأنا أفتح ذلك الكتاب. منذ الصفحة الأولى تبعثرت أشياء تلك المرأة على فراش مرضي
كانت كامرأةٍ ترتّب خزانتها في حضرتك. تفرغ حقيبتها وتعلّق ثيابها أمامك، قطعة قطعة، وهي تستمع إلى موسيقى تيودوراكيس، أو تدندن أغنيةً لديميس روسوس. كيف تقاوم شهوة التلصص على امرأة، تدبو كأنّها لا تشعر بوجودك في غرفتها، مشغولة عنك بترتيب ذاكرتها؟
وعندما تبدأ في السعال كي تنبّهها إلى وجودك، تدعوك إلى الجلوس على ناصية سريرها، وتروح تقصّ عليك أسرارًا ليست سوى أسرارك، وإذ بك تكتشف أنّها كانت تُخرج من حقيبتها ثيابك، منامتك، وأدوات حلاقتك، وعطرك، وجواربك، وحتّى الرصاصتين اللتين اخترقتا ذراعك.
عندئذٍ تغلق الكتاب خوفًا من قدر بَطلٍ أصبحت تشبهه حتى في عاهته. ويصبح همّك، كيف التعرّف إلى امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحريّة، كلّ شيء حدث داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط، لتسألها «كيف تسنَّى لها أن تملأ حقيبتها بك؟» .

” عابر سرير ”
[/JUSTIFY]

الكاتبة : أحلام مستغانمي