ضياء الدين بلال

(الطمع ودر ما جمع)


[JUSTIFY]
(الطمع ودر ما جمع)

-1-
اطلعت على تعقيبات وتعليقات عديدة على ما قيل أنها وثيقة مسربة من اجتماع سري لقيادات عسكرية ومدنية في الحكومة السودانية.
تبدو عدة ملاحظات في تناول أجهزة الإعلام لموضوع الوثيقة:
الذين يسمونها الوثيقة المسربة يريدون تأكيد صحتها ومن ثم الانتقال لمترتباتها.
أما حين توصف بالمفبركة فهذا يعني أنها مختلقة ولا أساس لها من الصحة.
قد يأتي من يقول إنها لا مسربة ولا مفبركة بل هي محرفة!

-2-
المهم، موضوع الوثيقة روج له الأمريكي إريك ريفز وسعت عدة جهات غربية لتأكيد صحتها ومنها مجلة (أفريكا كونفدنشيال)،فعلت ذلك على استحياء.
ثلاثة من الكتاب الكبار بهذه الصحيفة أخضعوا الوثيقة لتشريح فني دقيق من حيث عدالة المصدر و صحة المتن:
بروفسير عبد الله علي إبراهيم دخل عليها عبر ثغرات في السيرة الذاتية والأكاديمية لإريك وضعف منهجيته في التعامل مع الوثائق ووصف إريك بالوصف الشعبي الرائج (ماسورة).
السفير خالد موسى دفع الله أتى إليها من بابين:
الأول/ صلات وعلاقات إريك مع الحركات المسلحة وخاصة مع ياسر عرمان.
الثاني/ ملاحظات على طريقة تدوين محاضر الاجتماعات وما صاحب الوثيقة من أخطاء أولية في البروتكول وتحديد الصفات والإملاء.
أما الأستاذ /محمد عثمان إبراهيم فقد سخر من لغة الاجتماع الواردة في الوثيقة المزعومة وقال: (رجال المخابرات لا يتحدثون هكذا)، ولا يوردون تفاصيل خططهم وعملياتهم بلغة مكشوفة وعارية في اجتماع خارج الدوائر الضيقة.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده بروفسير إبراهيم غندور أول أمس هدد من هم من وراء إريك قائلاً:
(من بدأ حرب إخراج الوثائق سيدفع ثمنها).

-3-
لا أجد مسوغاً لدهشة وغضب البعض مما حدث، إن كان تسريباً أو تلفيقاً أو تحريفاً.
توجد حرب مفتوحة بين الحكومة وحاملي السلاح تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ويروح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، فما الغريب أن يكون جزءاً من أدوات تلك حرب الوثائق والمعلومات الصحيحة والمضروبة معاً؟!!!
ليست هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الوثائق في الحروب السياسية والدعائية إذا كانت وثائق ورقية أو تسجيلية.
الجميع يذكر قصة شريط وزير داخلية الديمقراطية الثالثة سيد أحمد الحسين وصحيفة السياسة.
وشريط فيديو فاطمة أحمد إبراهيم في معسكرات الحركة الشعبية وحديثها للصادق المهدي (ما حتشمها قدحة).

-4-
بالإضافة لملاحظات الأساتذة الأجلاء، فمن وجهة نظري المتواضعة أن نقطة الضعف المركزية التي توضح أن هذه الوثيقة مفبركة أو محرفة هي:
توقيت نشرها.
إذ إن التوقيت جاء متزامناً مع بداية تحسن نسبي في علاقات الحكومة الخارجية مع دول الخليج ودولة الجنوب وتطور علاقاتها في المحيط الإفريقي واقتراب أمبيكي من موقفها.
كل ما جاء في الوثيقة وفي هذا التوقيت يهدف للآتي:
نسف كل الجسور بقنبلة واحدة.
اصطياد كل العصافير بحجر واحد.
وضع كل الرغبات والأماني الشريرة في سلة واحدة!
في اجتماع واحد تفتح كل هذه الملفات:
(تبني تسليح المتمردين في جنوب السودان، ودعم الجهاديين المسلحين في إفريقيا والشرق الأوسط، وتدمير المحاصيل في جنوب كردفان لتجويع أنصار المتمردين، ازدراء حكومات مصر والسعودية والدول الغربية والمسؤولين الأفارقة الذين يتوسطون لإنهاء النزاعات الداخلية في السودان)!

-5-
لو أن مفبرك الوثيقة تعامل بهدوء ودون توتر نفسي وخفف عن نفسه ثقل الرغبة في الأذى لأنجز مهمته بنجاح.
كان يكفيه جند واحد من كل تلك الأجندة التي تحوم حول غرض محدد بدقة سافرة ولكنه (الطمع ودر ما جمع)!

تبني تسليح المتمردين فى جنوب السودان، ودعم الجهاديين المسلحين في إفريقيا والشرق الأوسط، وتدمير المحاصيل في جنوب كردفان لتجويع أنصار المتمردين، وأظهر الحاضرون ازدراء موحداً تجاه حكومات مصر والسعودية والدول الغربية والمسؤولين الأفارقة الذين يتوسطون لإنهاء النزاعات الداخلية في السودان.
[/JUSTIFY] [EMAIL]diaabilalr@gmail.com[/EMAIL] العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني


تعليق واحد