أبشر الماحي الصائم

ليس هذا المنتظر

[JUSTIFY]
ليس هذا المنتظر

في أحدث مؤتمر صحفي له، شدد البروفيسور إبراهيم غندور نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني على مبدأ قيام الانتخابات في موعدها.. معللا ذلك بأن الأمر يتعلق باستحقاق دستوري والتزام أخلاقي بأن يرد الحزب الحاكم الأمر إلى الجماهير التي إن شاءت أعادت فيه الثقة أو فوضت آخرين حسب ما هو مطروح أمامها من برامج والتزامات وطنية.. ذلك مما يدفع الكثيرين للتساؤل.. والأحزاب اليسارية تتولى كبر أطروحة مقاطعة الانتخابات.. ماذا يريد اليسار السوداني.. فهو من جهة يرفض الذهاب إلى الانتخابات القادمة لأنها مزورة من الآن! ومن جهة أخرى يرفض الجلوس إلى مائدة الحوار التي تواضع عليها الكثيرون! بحجة أن المؤتمر الوطني غير جاد في هذا المسعى.. وكنا سنحترم هذا الخيار لو أن إخواننا الرفاق طلبوا ضمانات للعملية الانتخابية.. كأن يكونوا شركاء في عمليات إدارتها والإشراف عليها.. أو استقدام مراقبين ممن يرضون من الشهداء والرقباء.. وحين لم يذهبوا إلى الحوار الوطني.. وحتى ننصفهم.. قد اشترطوا وضع النتائج التي يفترض أن ينتهي إليها المتحاورون في خاتمة حواراتهم على منضدة الحوار.. وذلك لدرجة التساؤلات القلقة.. فيم الجلوس إذن ولماذا الحوار.. ومن تلك الاشتراطات التي يعلمون استحالتها.. أن تحل الحكومة نفسها وتشكل بدﻻ عنها حكومة أخرى! ذلك لدرجة صرخة شيخ العرب (وقرناك كتير ونفسك أبيتها وقاره.. وكلامك هذا مابدورلو دق نقاره)..!

فالحقيقة التي لا تحتاج أن تنتطح عليها عنزان هي أن القوم يهربون إلى الأمام من هذه الاستحقاقات المحتملة.. وترفدنا مسوغات عديدة بأن هذه الأحزاب ﻻتؤمن في قرارة نفسها بالعملية الديمقراطية.. وإن جهرت بالمطالبة بها.. وذلك لسبب بسيط ومنطقي.. هو أن صناديق الديمقراطية تحتاج لحالة جماهيرية ﻻ تستمتع بها هذه الأحزاب الثورية.. فالأزمة – لعمري – لم تكن أزمة ثقة بقدر ما هي أزمة جماهيرية.. ودليلي الآخر هو إن كان الإنقاذيون يزورون اﻻنتخابات.. ففي المقابل إن أفضل نتائج لهذه الأحزاب في الانتخابات التي اعترفت بها لم تتعد ثلاثة مقاعد برلمانية في أحسن حاﻻتها.. وأنا هنا أتحدث عن انتخابات ما قبل حكومات المؤتمر الوطني!

بل إني أحفظ بالامتنان كله للأستاذ يوسف حسين الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني اعترافه.. ذات لحظة عالية المصداقية.. بأن حزبهم كفاحي نضالي وليس حزبا جماهيريا!

وخطورة هذا الأمر تكمن في أن القوم سيسلكون – ﻻ محالة – طريقا آخر للسلطة هو أكثر كلفة.. يتمثل في تبني منهج الحركات الثورية المسلحة.. وﻻ نحتاج لكثير عبقرية لندرك التوافق والتداخل والتنسيق بين الجانبين.. وخذوها مني.. لن يقدم اليسار الحزبي على خطوة توافقية إلا بعد أن تخطو الحركات الثورية المسلحة الخطوة ذاتها.. وإلا لماذا بادرت هذه الأحزاب بمباركة مبادرة الجبهة الثورية الأخيرة في العاصمة الإثيوبية!

السيناريو المحتمل هو أن تشد الحركات الثورية الوطن من الخارج.. وفي المقابل يستنزف القوم الحكومة من الداخل.. ليتسنى لهم الخروج بالجماهير إلى طرقات الثورة تحت ﻻفتة الفقر والجوع والمسغبة!

لكن لسوء حظ تلك المدارس الحزبية بأن الجماهير التي تشبع عقلها الباطن بفظائع البراميل المتفجرة والعبوات الناسفة في كل مكان من حولها.. لم يعد ينطلي عليها سيناريو الركوب على خيل المطلوبات الحياتية والمعيشية لأجل أغراض سياسية غير مضمونة العواقب.. على أن الذين ينادونها من وراء ملجات الأسواق وحجرات الأسعار ﻻ خيل لهم ولا مال يهدونه!!

[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائم
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]