رغيفة الوالي.. إعادة إنتاج الكسرة
تحدثت حكومة وﻻية الخرطوم على ما أذكر منذ عامين تقريبا عن أطروحة (رغيفة سودانية) تصنع من خلطة خاصة من القمح والذرة.. وقيل وقتها إن هذه المخبوزة السودانية ستوفر نصف تكلفة القمح الذي نستخدمه في صناعة الخبز.. بمعنى حسابٍ آخر يمكن أن توفر أكثر من خمسمائة مليون دولار.. فضلا عن أنها ستخاطب أشواق السودانيين المتأرجحين بين الخبز والكسرة.. لأنها في وقت واحد ستكون خبزا وكسرة.. أعيد إنتاج هذه الفكرة بين يدي مؤشرات إنتاج وفير من الذرة هذا العام بفضل الله، ثم نجاح موسم الخريف.. ومن جهة أخرى أتصور أنه قد آن الأوان أن نستغنى تدريجيا عن القمح الأمريكي والكندي ونوفر فاتورته الباهظة.. غير أن الذي أكثر كلفة أهمية وإلحاحا من كل ذلك هو أن نستكمل تحرير إرادتنا.. إذ أثبتت التجارب والسنون أنك لا تستطيع أن تستورد قمحا وتستوطن مشروعا قيميا وطنيا في وقت واحد.. بل ﻻ يليق بنا أن نحدث الناس عن مشروع وطني ونحن نستورد القمح.. فالذي يهبك الخبز هو ذاته من سيمنحك خارطة الطريق.. كنا نعيب على الحكومات السابقة أن مصيرها بيد ربان سفينة على عرض البحار والمحيطات.. فمالنا نفعل ما جعلنا نثور من أجله!! فهنالك فرص وهناك أمل و… و…!!
غير أن عبقريات الشعوب تتفجر وعزائمها تتجمر في أوقات الشدة والابتلاءات لتنتج البرامج والابتكارات.. أتصور أن المرحلة بامتياز هي مرحلة العباقرة وصناع البدائل وإنتاج الأفكار و… و… غير أن سؤالا مفتاحيا في هذا المضمار يطرح نفسه وبقوة.. أين ذهبت فكرة (رغيفة الوالي) التي بشرنا بها منذ سنوات، بحيث كانت قيد التجويد والتحسين، ومن ثم لتطرح في نهاية المطاف كفكرة عملية ناضجة ومتماسكة.. ثم قبر الموضوع برمته بعد ذلك ونسي ولم نسمع به مرة أخرى.!!
ذلك لدرجة التساؤل إن كانت هناك جهات حكومية تحتفل بالأفكار وتشجع المبادرين والمفكرين وتقابلهم بالحوافز والامتنان.!!
وتتيح فرصا لماكينة المجتمع كي تعمل وتنتج وتبدع! فالأفكار الخلاقة على مر المسيرة الإنسانية يصنعها العباقرة وينفذها الأبطال، كما عبارة القائد الشيوعي الصيني ماو الذي أطلقها في أربعينيات القرن الماضي (الثورات العظيمة يخطط لها الأذكياء.. وينفذها الأبطال.. ويستغلها الجبناء).. وتخطئ الحكومات عبر التاريخ أن احتكرت حقوق التفكير والإبداع على أن رأيها الصواب دائما ورأي غيرها يحتمل الخطأ والصواب.. رأيت أن أقول على الحكومة أن تشجع طاقات المجتمع والقطاع المدني الخاص والأكاديمي والبحثي لإنتاج الحلول، ومن ثم تتبنى إنتاج هذه الحلول وجعلها تمشي بين الناس و.. و..!!
غير أن حكومة الدكتور الخضر عودتنا بقيمة الاحتفاء بأطروحات الآخرين .. فكثيرا ما تبنت حكومة الوﻻية أطروحات مجتمعية وصحفية.. غير أن سؤالنا يتجدد عن رغيفة الوالي التي بشر بها.. هل سقطت الفكرة بالتقادم أم نسيت في ظل تزاحم الأجندة واحتدام المشكلات واحتشاد الملفات في وﻻية هي السودان كله؟.. كنا نقول إنها سودان مصغر.. ولكنها الآن سودان مكبر و… و…!!
رغم كل ذلك سيدي الوالي.. سيدي نائب الوالي.. سادتي في حكومة الوﻻية.. نتعشم أن تعيدوا هذه الرؤية إلى صدارة الأوليات وأن تمشوا بها إلى آخر المطاف لنحتفل ذات يوم قريب بالرغبة السودانية التي بالكاد يكفي كيسها فئة الجنيه أسرة ذات خمسة أشخاص وجبات بأكملها.. موفقون ..
[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائمملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]