أبشر الماحي الصائم

صناعة التاريخ


[JUSTIFY]
صناعة التاريخ

حللت أمس الأول ضيفا على برنامج القراءات الصحفية اليومي بإذاعة صوت القوات المسلحة.. الذي يديره تيم مميز يتشكل من المقدم محمد جاد الله والرائد كبير والأستاذة ندى عثمان والمخرج أحمد عبدالعزيز الزين.. فكانت زيارة الرئيس البشير للقاهرة تسيطر على كل خطوط الصحف اليومية وزواياها وتقاريرها وأعمدتها.. بحيث اكتسبت هذه الزيارة أهميتها من حساسية الموضوعات المتداولة والملفات العالقة بين البلدين.. فضلا عن عمليات الإحماء التي استبق بها الإعلام المصري الزيارة.. غير أن حكمة الدولتين قد أجلت القضايا المختلف حولها لصالح تسجيل نقاط إيجابية في الملفات المقدور على تسويتها.. وليس هذا موضوعنا الذي خرجنا لخدمته اليوم و..

* فلقد تعرض البرنامج ضمن هذه الخطوط التي يكاد يكون بطلها الأوحد السيد الرئيس البشير بحكم أنه محور الأخبار.. تعرض لخط صغير معزول أحادي ورد في هامش صحافتنا المحلية يتحدث عن التقاء السيدين فاروق أبوعيسى والسيد الإمام المهدي على صيغة وحدة للمعارضة.. سئلت عن دﻻلة هذا الخبر في هذا التوقيت بالذات.. فرأيت أنها محاولة غير موفقة لبناء خط إعلامي لصالح المعارضة وسط مهرجانات الأخبار الحكومية التي هي من صنع المؤتمر الوطني.. ذلك على افتراض أن الميديا المحلية والإقليمية والدولية ستخرج بهذا الموضوع في إحدى خطوطها الرئيسية أو شبه الرئيسية.. ومن ثم تجد المعارضة موطئ قدم في سوق الزيارة الرائجة التي اهتمت بها قنوات مؤثرة جداً مثل قناة الجزيرة التي أفردت لها ملفا كاملا.. وعليك أمان الله.. لم يحفل خبر لقاء السيدين أبوعيسى والمهدي سوى ببعض خطوط هامشية في صحافتنا المحلية.. فأخطأت المعارضة بتقديري الزمان والمكان لحدث لو طرح في غير هذا الموسم ربما يجد بعض الحظوظ والخطوط في أعلى صفحات الأخبار المحلية.. غير أني لا أتصور أن الإعلام العالمي سيحتفل في هذا التوقيت بلقاء المعارضة السودانية، فغير فقرها الفكري وبؤسها القيمي.. فهذا زمان داعش والحوثيين والسيستاني والسيسي، اختلفنا معهم أو اتفقنا.. حتى بالمعايير المهنية الداخلية هل من اهتمامات الرأي العام المحلي لقاء الرجلين المعارضين.. فعلى الأقل قد ثبت أن لهذه الزيارات الإقليمية دور في ارتفاع قيمة جنيهنا واقتصادنا كما حدث عقب زيارة السعودية.. لهذا بات ينتظرها المواطن لعلها تحدث له انفراجا في معاشه وهمومه اليومية.. فضلا عن أن الأستاذ فاروق أبوعيسى كان وزيرا قبل أربعين عاما في حكومة انقلاب الحزب الشيوعي على صدر سبعينيات القرن المنصرم.. بينما كان المهدي رئيس الوزراء لحكومة ما قبل مايو .. بمعنى آخر أن الرجلين اللذين يحاوﻻن دخول التاريخ مرة جديدة من القاهرة هما بالكاد يذهبان إلى ميدان والثورة والثمانين في وقت واحد.. ولعمري منذ متى كان يصنع التاريخ من هناك !

لماذا.. والحال هذه.. ﻻ تجتهد المعارضة في الدخول إلى مسرح صناعة التاريخ الأحداث بإنتاج عمل إيجابي.. ودعوني أضرب لها مثلا من خلال مماحكاتها.. فلقد ظلت المعارضة تطرق على موضوع تراجع مشروع الجزيرة وهذا صحيح.. ففي المقابل لماذا لا تعكف المعارضة على إنتاج رؤية ناضجة ومحددة لنهضة هذا المشروع.. فليس مقنعا للجماهير أن تكرر صباح مساء بأن هذا خطأ وإخفاق.. فلتجعلنا المعارضة ولو لمرة واحدة ندرك أن لها رؤية وبرنامج وأن القصة ليست الكرسي الذي جلست عليه قبل أربعة عقود من الزمن السوداني المهدر !!

[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائم
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]