داليا الياس

على أطلال العروبة

[JUSTIFY]
على أطلال العروبة

يحكى أن أستاذاً للغة العربية، قال للتلميذ: قِفْ يا ولدي واعرب: “عشق المغترب تراب الوطن”.

وقف الطالب، وقال:

عشق: فعل صادق، مبني على أمل يحدوه إيماناً واثقاً بالعودة الحتمية.

المغترب: فاعل، عاجز عن أن يخطو أي خطوة في طريق تحقيق الأمل، وصمته هو أعنف ردة فعل يمكنه أن يبديها.

تراب: مفعول به مغصوب، وعلامة غصبه أنهار الدم وأشلاء الضحايا والقتلى.

الوطن: مضافة إلى تراب، مجرورة بما ذكرت من إعراب تراب سابقاً.

تفاجأ الطلاب، وابتسم المعلم، لإدراكه ما يريد أن يوصله الطالب للتلاميذ.. فأراد أن يسمع من الطالب الكثير.. فقال: يا ولدي، مالك غيرت فنون النحو، وقانون اللغة؟ إليك محاولة أخرى.. اعرب: صحت الأمة من غفلتها.

قال الطالب:

صحت: فعل ماضٍ ولىّ، على أمل أن يعود.

والتاء: تاء التأنيث، في أمة لا تكاد ترى فيها الرجال.

الأمة: فاعل، هدَّه طول السبات، حتى أن الناظر إليه، يشك بأنه لا يزال على قيد الحياة.

من: حرف جر، لغفلة حجبت سحبها شعاع الصحو.

غفلتها: اسم، عجز حرف جر الأمة، عن أن يجر غيره.

والهاء: ضمير ميت، متصل بالأمة التي هانت عليها الغفلة، مبني على المذلة التي ليس لها من دون الله كاشفة.

فدمعت عين المعلم، وقال متأثراً: مالك يا ولدي نسيت اللغة وحرّفت معاني التبيان؟

قال الطالب: لا يا أستاذي.. لم أنس، لكنها أمتي.. نسيت عز الإيمان، وصمتت باسم السلام، وعاهدت بالاستسلام، دفنت رأسها في قبر الغرب.. معذرة أستاذي، فسؤالك حرّك أشجاني، ألهب منّي وجداني.. معذرة أستاذي، فسؤالك نارٌ تبعث أحزاني، تهدّ كياني وتحطّم صمتي، مع رغبتي في حفظ لساني. عفواً أستاذي، نطق فؤادي قبل لساني.. امرأة في سوريا تُعذب!! وأخرى في مصر تقهر! وثالثة بـالصومال تئنّ جوعاً! ورابعة في سجون العراق تذلّ! وخامسة في فلسطين تموت كل يوم على أولادها وأرضها! ولم يقلق الغرب إلا على امرأة لا تقود السيارة بـأرض الحرمين!!

هو حال العرب الآن.. يعيشون على أمجاد بائدة.. ويعينون بعضهم فقط بالبيانات والشجب والإدانة شفاهة!!

بعيدون عن الله.. يمارسون المعاصي والبدع أكثر من مبتدعيها.. لا وازع لديهم ولا ضمير.. لا يحرصون على عهد أو ميثاق أو موعد.. ينافقون ويحتالون.. يسرقون بني جلدتهم.. يظلمون بعضهم علناً!!

كانوا خير أمة أخرجت للناس.. فكيف أصبحوا.. وكيف أصبح الناس؟!

تلويح:

قد عاد فينا أبو لهب

نحيا فجوراً وكذب

من قال إن النفط نحن نبيعه؟!

النفط قد باع العرب

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي