تربية المعلمين
)وزارة التربية والتعليم)!! وإن شئت الدقة (وزارات) ما بين اتحادية وولائيات.. ولم تعد أي منهن تحمل من مضامينها سوى الاسم !!
تراجع الدور الكبير الذي تلعبه هذه الوزارة ومنسوبيها في حياتنا.. حتى انحصر لدى معظمنا في ما يعرف بالمدارس الخاصة.. ولست اليوم بصدد الحديث الذي بح صوتنا به عن المدارس الحكومية ومآلاتها.. ولا عن المقررات المحشوة بالمعلومات المغلوطة والغثة.. ولا عن السلم التعليمي المتهالك.. ولا عن أوضاع المعلمين ومخصصاتهم المزرية.. ولاعن الزي المدرسي غير الموحد.. ولا.. ولا.. ولا !!!
ولكنني سأتحدث عن فئة ليست بالقليلة من المعلمين والمعلمات المحسوبين على زملائهم ممن لا تزال المهنة لديهم رسالة مقدسة.
تلك الفئة التي تعد خصماً على قداسة المعنى النبيل لكلمة معلم.. التي تحتاج هي أولاً لتربية وربما تعليم.. قبل أن تمارسه مع أبنائنا!!
الإشارة الآن حمراء.. حمراء جداً.. فقد تجاوز الأمر قضية المعلمين صغار السن المفتقرين للخبرة وغير المؤهلين، والذين لم يدرسوا أساساً في كليات التربية، ولكن حملتهم الحاجة وعدم وجود وظائف تتناسب مع تخصصاتهم للالتحاق بركب التعليم على مضض مع افتقارهم الكامل للدافع الرسالي والإيمان المطلق بحساسية الدور الطليعي الذي يلعبه المعلم في بناء المجتمعات والحضارات!!
هؤلاء.. يرددون الدروس على مسامع أبنائنا ببرود وفتور وربما قرف.. على اعتبارها عبئاً ثقيلاً وواجباً عليهم تأديته فحسب!!
تفتقر حصصهم للتشويق والحماس والحب.. يمارسون الضرب بقسوة أحياناً رغم صدور القوانين التي تمنعه منعاً باتاً من كل الجهات المعنية، ولكن لا حياة لمن تنادي!!
وبالعودة لمستحدثات التردي التعليمي التي أدهشتني وشلت تفكيري.. تلك الواقعة التي أتتني ابنتي ذاهلة، وهي ترويها وإحساس الصدمة والحيرة يقطر من بين كلماتها.. وهي تحدثني عن معلمة (اللغة العربية)!! الجديدة.. والتي علمت أيضاً أنها (أم).. تلك المعلمة التي اعتادت منذ اليوم الأول على الصراخ في وجههم ونعتتهم بأقذع الصفات.. وليتها اقتصرت على ما اعتدناه منهم على شاكلة يا (طيور).. يا (حيوانات).. يا (حمير).. أكرمكم الله!! فتلك شتائم لم تعد تحرك فينا ساكناً من فرط ما استكنا لاعتقاد جازم بكوننا لا نرقى لمستوى الإنسانية في هذا البلد الذي يرتفع فيه سعر كل شيء وتنخفض قيمة الإنسان وحده!!
هذه المعلمة يا سادة.. تردد على مسامع الصغيرات بانتظام كلمة مقرفة وبذيئة درجة العادة على ألا نتداولها صراحة على الإطلاق حتى فى بيوتنا وحياواتنا الخاصة.. فأكثر ما اندهشت له ابنتي أنها اعتادت كلما دعتها الضرورة الملحة منذ نعومة أظفارها لتفسير معنى هذه الكلمة على استبدالها بعبارة (ذي الناس).. في إشارة لرغبتها في الإخراج!!
وهاهي الآن.. بعد كل ما استقر في خاطرها من أن هذه كلمة سيئة ومعيبة وقذرة تضطر لسماعها يومياً من معلمة اللغة العربية!!
وأحسب أن صغيرتي تظل على ذهولها من فداحة الموقف ويعييها التفكير في الأمر حتى يفوتها استيعاب الدرس.. وأي درس ذي فائدة ننتظره من معلمة كهذه؟!!
والمؤسف أنني حالما بادرت لإثارة الأمر مع المعلمة وإدارة المدرسة.. ظلت ابنتي تدفع ثمن شكواي وانتقادي حتى الآن! فالمعلمة التي لم يتخذ ضدها أي إجراء يذكر تظل تقسو عليها وتعاقبها بسبب أو بدون سبب وتحدقها بنظرات الكراهية بل وتعمد أحياناً (لمطاعنتها) بالكلام!! تخيلوا!! فهي ترى أنني قد تطاولت عليها دون حق حين تحدثت عن هذا الأمر!!
وفي ظل الوضع النفسي المزري الذي نحياه جميعاً جراء هذه الواقعة.. فكرت في نقلها إلى مدرسة أخرى.. ثم تذكرت أنها ستقابل نموذجاً آخر يحتاج لتربية وتعليم رغم إنتمائه لوزارة ممتدة تحمل هذا الاسم!! لقد أسلمنا أمرنا لله.. فالواضح أن قضايا التربية والتعليم لم تعد تعني أي أحد في هذا البلد!!
تلويح:
السادة منسوبي وزارات التربية والتعليم بمختلف درجاتكم ومسمياتكم.. اتقوا الله في أبنائنا.. وأعلموا أنكم حين اخترتم طائعين هذا المجال كنتم تعلمون ما ينتظركم من تضحيات، وما يجب أن تلتزموا به من مثالية مهما كانت ظروفكم المعيشية وغيرها!!
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي