عبد اللطيف البوني

تعادلات عينة


[ALIGN=CENTER]تعادلات عينة [/ALIGN] حقيقة وليس مجازاً ان اليوم جمعة والأمة مجتمعة، فالاسبوع المنصرم كان اسبوعاً متوتراً بالنسبة لكل السودان اذ كان فيه أمران مهمان وهما مباراة هلال مريخ في كأس الأندية الافريقية، وهذا أول حدث رياضي في السودان من نوعه اذا لم يسبق له ان وصل فيه فريقان سودانيان دور الثمانية، أما الثاني فهو نتيجة التحكيم الدولي في أبيي وأيضا هذه أول مرة يعرض فيه شأن يعتبر داخلياً على محكمة دولية، فالتدويل الرياضي امر محمود لأنه يدل على تطور، أما التدويل السياسي، فيعتبر (شيل حال) ولكن الحمد لله جاءت سليمة في الحالتين.
ابتدأ الاسبوع بديربي هلال مريخ وانتهت المباراة بالتعادل السلبي (خالي أقوان) تسيد الهلال الشوط الاول وأهدر الكثير من الفرص وتسيد المريخ الشوط الثاني وانقذ المعز حارس الهلال هدفين مضمونين، أما التحكيم فقد كان (افتكر مافي داعي نقول رأينا) لكنه بأي حال من الأحوال لم يغير نتيجة المباراة ولحسن الحظ سبق وتعادل الفريقين تعادل الفريق النيجيري والزامبي اللذين معهما في نفس المجموعة جعل تعادل الفريقين السودانيين برداً وسلاماً.
أما في لاهاى فقد جاء قرار محكمة التحكيم الدائمة توفيقياً وموزوناً أرضياً الطرفين سواء كان الطرفين دينكا ومسيرية أو حركة شعبية ومؤتمر وطني أو شمال وجنوب. القرار أعطى الدينكا مدينة أبيى وأرضاً معتبرة شمال بحر العرب بينما أعطى المسيرية مدنهم المجلد والميرم وناما وأبقى البترول لحكومة الوحدة الوطنية. التعادلية هنا كانت ايجابية هدف لكل فريق، فتجاوز حدود 1905م يعتبر هدفاً للدينكا والحركة والغاء تقرير الخبراء يعتبر هدفاً للمسيرية والمؤتمر الوطني..
التعادل الرياضي ومثله التعادل السياسي مثل (الكسرة بي موية لا بتغلط عليك ولابتوسخ ايديك) ولاشك انه مرضٍ لكثير من جموع الشعب السوداني ولكن المتطرفين دوماً يرفضون هذه الحلول الوسطى، فهناك هلالاب يعضون بنان الندم لضياع هدف مهند الطاهر ومريخاب يبكون لضياع انفراد ايداهور، وهناك حركة شعبية كانوا يريدون ان تقول المحكمة الدولية ان الخبراء لم يتجاوزوا التفويض الممنوح لهم، وهناك مؤتمر وطني يريد ان يكون قرار المحكمة الرفض التام لبرتوكول أبيي والقول ان الخبراء تجاوزوا التفويض كله لا بل هناك سياسيون آخرون كانوا يريدون لأبيي الاشتعال وحرق يابس كل السودان.
في تقديرنا ان التعادل الرياضي والسياسي فيه خير كثير للسودان، ففيما يتعلق بالرياضة فأمام الهلال والمريخ فرصة طيبة كي يتصدرا المجموعة ويصعدا معاً لدور الاربعة، فوارد جداً ان يكسب كلاهما مبارياته داخل استاده ويكسب نقطة من الخارج والمباراة الأخيرة في المجموعة بين الهلال والمريخ وهنا بيت القصيد (وأنا ما بفسر وانت ماتقصر). أما سياسياً فانني أتمنى لا بل أتوقع ان يكون في تعادل أبيي فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقة المضطربة بين الشريكين، فقد كانت عقدة أبيي هي أخطر عقدة في منشار الشراكة لأن الصراع فيها صراع حدود وصراع وجود لأنه يشتمل على صراع موارد(النفط والماء)، فأحدهما أخذ النفط والآخر أخذ الماء، فتجاوز حفرة أبيي يعني ان سائق البوباي السوداني تجاوز حفرة عميقة وتبقت بعد ذلك عدة حفر صغيرة كالتعداد وترسيم الحدود وحفركبيرة كالانتخابات وتقرير المصير. كل هذه يمكن تجاوزها اذا استفدنا من الروح التي أفرزتها أبيي وهكذا تتحول أبيي من عقدة الى غدة تفرز السلام والوحدة ودعونا نسأل الله ان تكون (درونات) الاسبوع المنصرم آخر (درونات) في السودان بما فيها درون مدني ومن الآن وصاعداً انتصارات (وبس).

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
بتاريخ24/7/2009)
aalbony@yahoo.com


تعليق واحد

  1. العزيز دكتور البوني .. سلام واحترام

    اولا مبروك لكل الشعب السوداني هذه التعادلات .. وبرغم ان تعادل القمة كما يقال (هلال مريخ) كان بعد مباراة باهتة افتقدت الكثير من الجماليات واللعب النظيف واعتقد بل واجزم ان للاعلام دورا سلبيا كبيرا في شكل المباراة واداء اللاعبين وذلك بالشحن الزائد من صحافة المشجعين المتعصبين المنتمين للاعلام الرياضي .. اما تعادل ابيي فقد توقعته مثل الكثيرين غيري وقلت لسعادتكم ان القرار سيكون متوازنا بل كنت متفائلا ولا ازال .. جعل الله من ابيي فرصة لحلول الداخل خاصة وان هناك العديد من بؤر التوتر لاتزال تحتاج الي الحكمة وثقافة التنازلات مثل النيل الازرق .. وفقك الله وحفظ البلاد والعباد ..

  2. الاخ عبد اللطيف البونى – اخذت قلمك فرحا بالتعادل فى ابى – ولم تنتظر الزمن الاضافى

  3. رمتنى بدائها وانسلت
    الكتور البونى تحية طيبة لكم حقيقة ان الشد فى المجتمع السودانى اصبح سمة اساسية فى كل المجالات نبنى ثقافة الصراع وكاننا نحن خلقنا لذلك رغم اننا علينا ان نوجه هذه الشحنات الزائدة الى اعمال الخير والوفاق والذى يؤلمنى حقا ان الصحافة تلعب دورا اساسيا فيغلب على كتاب المقالات هذه الصفات فى الكرح الذى يقدم مع اننل لو استخدمنا هذا الحماس بطريقة علمية لاستفدنا منه لنه يؤدى بهذه الصورة الى نتائج سلبية وكما رايئنا ذلك فى مبارة هلال ومريخ ان النتيجة والاداء كان ليس بمستوى المبارة وايضا ما حدث فى سكافا اكثر دليل على الشحن الزائد ثقافة الوفاق والسلام والمنطق العلمى اتمنى ان تكون هى الديدن فى هذه المرحلة من تاريخ السودان فالدولة تحتاج الى شخصيات رصينة ذات مواقف متوازنة مثل نلسون مانديلا لبناء دولة متطورة متوافقة مع العصر لا ان ننفق الوقت فيما لا طائل له ونقصى الاخريين دون حق ابيى فى النهاية منطقة فى داخل السودان والمسيرية والدينكا هم اهل بعض ومحتاجيين الى بعض فلماذا نفرقهم باسم السياسة والمنطقة تحتاج الى تنمية من حيث العمران والخدمات الاساسية ونظام الرعى المتطور وتاهيل البنية الاساسية فى المنطقة لكلا الطرفيين هذا هو المطلوب لان البنيات الاساسية لو وفرت فى المنطقة يمكن ان تحل كثير من المشاكل كما ايضا الرياضة نفسها علينا ان ندعم الفرق الاخرى بتوفير امكانيات ومدربيين على مستوى لكى يكون لدينا بديل مناسب للهلال والمرخ ولكى يكون الدورى قويا ومنافسا حقيقا لا يمكن ان يكون الفرق بهذه الصورة بين الهلال والمريخ ولا يمكن ان يكون مستوى الفرق بهذه الصورة الهزيلة يمكن ان نلاحظ ذلك فى الخواتيم