أبشر الماحي الصائم

دولة شيخ علي

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] دولة شيخ علي [/B][/CENTER]

عبارة باهظة جدا كما صخرة ألقاها أخيراً عن كاهله الشيخ علي عثمان محمد طه.. وكأني به يتنفس بعدها الصعداء ويذهب لينام ملء عيونه متصالحا مع نفسه وتاريخه.. وكما يقول العامة لا يهمه بعد ذلك.. سجن سجن وغرامة غرامة.. المهم إن الرجل قد اختزل مسيرة أربعة عقود من العمل الإسلامي المتواصل.. معارضة وحكومة سجنا ومطاردة واستقرارا واستوزارا ومعاشا.. اختزلها في جملة واحدة مفيدة وجامعة وباهظة.. قالها أمس الأول بدار الشرطة ببري، وهو ساعتئذ حر طليقا إلا من عضوية المجلس الوطني.. على أن المنبر الذي أطلق من منصاته هذه الحمولة لم يكن منبرا حكوميا ولا حزبيا لرجل تميز بحساب خطواته وكلماته وانتخاب منابره.. وإنما كان منبرا للوسطية التي يديرها ويمتلك حق صناعتها وصياغتها الدكتور عصام أحمد البشير.. إذن قالها أخيرا جدا وعلى ركام تجربة حكومية راوحت ربع قرن من الإنقاذ المستحيل والإصلاح الصعب.. قال شيخ علي جملته الخطيرة ورسالته الأخيرة من خلال تجربة مريرة.. قال “إقامة الدولة الإسلامية لا يعني نهاية الجوع وبلوغ عصر الرفاهية”!! ولعمري هذه جملة احتاج شيخ علي لأربعين عاما لصناعتها وتصديرها.. وذلك منذ كان طالبا إلى أن أصبح معلما ومربيا وقائدا في مدرسة الحركة الإسلامية.. غير إن الرجل قد ذهب إلى أبعد من ذلك وهو يدعو جهرا إلى مراجعة شعار (الإسلام هو الحل).. على اعتبار أن كثيرين ظلوا يحملون الإسلام ما لا يحتمل من تجاربهم واجتهاداتهم التي تقبل الخطأ وتحتمل الصواب.. بل قد ذهب بعضهم بعيدا في هذا الاتجاه، وهو يقيم نجاح أطروحة الدولة الإسلامية برفاهية الحياة.. على أن الدولة التي تفشل في توفير الخبز والرفاهية هي ليست إسلامية، ولا ينبغي لها أن تكون كذلك !

وللذين يقرأون بتطرف أعيد طرح وطرق هذه العبارة من جديد.. فالحل الإسلامي ليس بالضرورة هو الرفاهية ورغد العيش.. الإشارة التي استهدفها شيخ علي بقوله: لو أن ذلك كذلك لعاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار رضي الله عنهم في كنف دولتهم المثال في رغد من العيش.. ولما مر الشهر والشهران ولم توقد في بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار !! بمعنى أن الدولة الإسلامية قد تكون هي الدولة المحاصرة التي لا يبتاع منها ولا يباع إليها.. غير أن ثمة شئ يجب التواضع إليه.. والحديث لمؤسسة الملاذات الجناح الفكري.. وهو أن طرح الإسلام هو الحل في هذه الحالة يكمن في دولة التكافل والعدالة الاجتماعية.. على أن ما تنتجه الدولة الإسلامية المحاصرة على شحه يجب أن يكون دولة بين الفقراء والأثرياء.. فليس منا من بات شبعانا وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم!!

وثمة تفسير آخر.. لماذا منعت دولة شيخ علي الإسلامية قطع غيار السكة حديد واسبيرات سودانير والنقل من قبل أعداء أي أطروحة قيمية إسلامية !! والإجابة التي لا تنتطح عليها عنزان هي لعمري لتفشل هذه الدولة بانهيار أهم مؤسساتها البنوية النهضوية.. حتى وإن لم تطبق من الإسلام غير أن وضعت على منابرها شخصيات بمسمى عمر وعلي وعثمان وطه ونافع وبكري وأبوبكر.. دولة يكفي أنها تطرح شعارا يخالف أطروحات الشرعية الدولية وتسعى من مواردها الفكرية الشرقية لصناعة دولة تحررية تحريضية و.. و..!!

وثمة سؤال آخر في المقابل على طريقة فيصل القاسم.. يقول آخر.. لماذا نحمل الإسلام فشل بعض النخب والساسة الذين يمتلكون كل مقومات الإنتاج من أرض تجري من تحتها

الأنهار ومن فوقها الأمطار.. ثم لا يزرعون وإن زرعوا لا يحصدون وإن حصدوا لا يسوقون وإن سوقوا للموارد لا يوظفون؟!

الرأي عندي أن يكون أمر الدولة مقاربة بين الوجهتين.. وما توفيقنا إلا من عند الله عليه توكلنا وإليه أنبنا، وهو المستعان..

[/SIZE][/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائم
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]