جمال علي حسن

عِلة عرمان.. لن تمهله طويلا


[JUSTIFY]
عِلة عرمان.. لن تمهله طويلا

لم تكن الأخبار التي أفادت بتعثُّر مفاوضات أديس أبابا مدهشة أو مفاجئة أو محبطة لأحد كما أن الأخبار التي تلتها وأفادت بعودة المفاوضات إلى مسارها واستمراها من جديد لم تكن هي الأخرى محفزة للتفاؤل كثيراً بنجاح الجولة.. فكل أخبار أديس باتت مثل قصيدة ركيكة لشاعر لا يجيد فن الإلقاء.. لأن كل المراقبين والمتابعين للجولات الست الماضية تكونت لديهم قناعة بأن وفد عرمان يحتفظ بظنون مخمورة بأن إصرار تمسكهم بمناقشة كافة قضايا السودان سيجعل رأس الحكومة يلين في آخر المطاف وتضطر الحكومة (المزنوقة) حسب وصفهم لها للقبول بهذا الشرط ..

وعرمان الذي يعيش على ألحان إذاعة (دبنقا ) ودنياها.. لا يستطيع أن يتصور بأن أجواء المماطلة والمماحقة لا يخسر بها الطرف الحكومي أكثر مما يخسر هو.. واستمرار القتال في ظل اتجاه علاقات السودان مع دولة جنوب السودان للتحسن والتطور الإيجابي يعني ارتكاب حماقة كبيرة بالاستلقاء على سكة قطار مسرع هو قطار تجفيف وتطويق وتناقص مجال التحرك والتسليح شيئا فشيئا .. سيدهسكم قطار الانتظار يا عرمان.. فما يمكن أن يقدمه وفد غندور لعرمان اليوم من تنازلات أكبر مما يتوقع أن يقدمه لهم غداً أو بعد غدٍ حين يكون موقفهم أكثر ضعفاً ..

عرمان لم يحسن اللعب، فأديس أبابا كان من الممكن أن تقدم لحركته مكاسب أكبر لتسوية الملف في الجولات الماضية.

وإلا لما أبدى غندور كل هذا الزهد وهاجم وفد الحركة بعد أول جلسة في الجولة الحالية وكادت المفاوضات أن تنهار يوم الخميس لولا تدخل الوساطة ومحاولة إنعاشها وضخ بعض الأوكسجين في رئة التفاوض من جديد.

لا تضيعوا الفرصة يا قطاع الشمال فانهيار جولات أديس أبابا في كل مرة يعني الإبقاء على جثة مفاوضات ميتة سريرياً وتنتظر فقط الفتوى التي تمكن الأطباء من نزع الأجهزة وإعلان وفاتها نهائيا.. وصدقني يا عرمان بأنه وبمجرد انهيار ما تبقى من قوة عسكرية لدى الجبهة الثورية، فإن الحكومة ستنزع تلك الأجهزة وتعلن وفاة المفاوضات، ولكن بعد إعلان وفاة الجبهة الثورية مختنقة في جبال تلشي بسبب علة عرمان التي لم تمهلها طويلا ً..

وما ترفضه الحركة اليوم من استعداد للتفاهم وزخم للتفاوض لن تجده غداً وسينطبق معنى المثل السوداني ( تاباها مملَّحة وتكوسها قروض) ..

الثمن لا يدفعه النظام الحاكم بقدر ما يدفعه مواطن جنوب كردفان والنيل الأزرق والذي لم يعد يحتفظ لهذه المجموعة التي تتاجر بقضيته لم يعد يحتفظ لها بأي شعور إيجابي يجعلهم أبطالا في نظر مواطن المنطقتين ..

لا يجب أن يحلم ياسر عرمان بنيل مكانة يوسف كوة مثلا ًفي قلوب أهل الجبال.. بعد أن ترك في كل (دُرْدُرْ) حزناً وفقداً وقبرا ًوضحكة مفقودة ..

الرهان على الوقت في إضعاف القوات المسلحة والرهان على الحرب في تفكيك النظام أصبح بالدليل العملي رهاناً ساذجاً..

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. سؤال يااستاذ جمال :

    ثورة الانقاذ و منذ العام 1989 وقعت المئات من الاتفاقيات مع كل خصومها, ما مصير تلك الاتفاقيات ؟ , اعتقد الاجابة معروفة.
    الالتزام الوحيد الذي اوفت به كان هو انفصال جنوب السودان و الذي خدع فيه علي عثمان محمد طه و رفضه حينها غازي فتمت ازاحته و تنصل العالم اجمع من كل التزاماته من اعفاء ديون السودان و رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب و الغاء الحظر على السودان و دعم الاقتصاد السوداني بعد الحرب , هذا الاتفاق يصلح لان يسمى بخديعة القرن .

    هذه حصيلة الانقاذ في 25 عاما” فما الذي يدعو عرمان او غيره ليثق بهذه الحكومةان لم يجد تعهدا” دوليا” بتنفيذها !! , الا تعتقد ان اسلوب الحكومة في تقسيم المسارات و اضعاف مفاوضيها هو الذي اوصلنا الى هذا الدرك , كم اتفاقية ملزمة الان لملف دارفور لوحده و كم حجم التزاماتها و حتى الان لا زالت الحرب مشتعلة , ما الم تنظر الحكومة نظرة شاملة للسودان فلن نسلم من الحروب و التمزق و بعد عرمان سياتي الف عرمان و لك في دارفور خير مثال .