بعد أن أكملت عامها الثاني .. قناة الشروق … الحاجة إلى السودنة

ليست مشكلة الشروق في تقديري انها قناة المؤتمر الوطني المحكومة برؤيته السياسية وقناعاته الأيدولوجية، فمن حق أي حزب أن يُعبِّر عن برنامجه وفق القانون والدستور، فهذا منصوص عليه حتى في الاتفاقية التي تحكم الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. مشكلة الشروق هي حاجتها للسودنة ان تكون سودانية أولاً، ثم فلتتبع بعد ذلك لاي حزب تشاء، الخطأ الاستراتيجي الأول ان تنعقد الهياكل الادارية ويقوم التخطيط الاولى لها بأيدٍ غير سودانية، ثم ان هذا الترتيب الاداري نفسه لم يتخيّر الاولويات التي نحتاجها في السودان، فهل نحن بحاجة لمذيعين ومذيعات مثلاً..؟ ام بحاجة لكوادر فنية مختصة في مجال صناعة الصورة «الديكور، المكياج، الجرافيك، جماليات الشاشة…. الخ» تُهدر ميزانية الصرف المالي والاداري في الشروق في غير وجهها المستحق فما هو الداعي مثلاً لاقامة خدمة بث واستديو من الخليج دون أن يضيف هذا الاستديو جديداً للمشهد الاخباري السياسي..؟، بل ان بعض المفارقات تبعث على الحيرة، فذات الاستديو يستضيف خبيراً أو محللاً «سودانياً» من الخرطوم، وهذا هدر للموارد والاموال يصل درجة العبث، فإذا كانت مصادرك بالخرطوم ما الداعي اصلاً لحوار المصادر من دبي..؟ اللمسة الادارية غير السودانية هي مشكلة الشروق الكبرى، بجانب وجوه المذيعات العربيات، فالمخطط البرامجي والاداري مهما بلغت احترافيته اذا افتقر الى الاحساس بخصوصية الحياة السودانية فلن يضيف جديداً إلاّ إذا كانت المسألة مجرد عقدة دونية تجاه كل ما هو عربي ووافد. في حقيقة الأمر أن ما يمنح الشروق المشاهدة ليس المذيعات العربيات بل السودانيات منهن «رانيا هارون، نسرين سوركتي، سلمى سيد .. الخ»،
فالمتلقي السوداني يريد ان يرى وجوهاً سودانية وجمالاً سودانياً، وإذا أراد غير ذلك فالقنوات العربية كثيرة يجد فيها ما يريد ولن تكون الشروق بالطبع خياره امام الريموت كنترول لمشاهدة المذيعات العربيات!!
أكملت الشروق عامها الثاني ولا يزال البحث جارياً عن هوية للقناة، تعبر من خلالها عن وجوه الحياة في الوطن عن انسانه، وسكانه، عن فرحه، ومعاناته عن تضاريس ارضه وهضابه، ومن قبل هذا وذاك تنوع طيفه السياسي والديني والعرقي. السيد جمال الوالي بدا سعيداً بالاحتفال بإطفاء الشمعة الثانية وسط حضور فني واعلامي، ولكن يجب أن تكون هذه السعادة مبنية على موقف موضوعي وتحليل دقيق لمسارات القناة ومآلاتها، جمال الوالي رجل اعمال ناجح وقائد فريق المريخ وقد انجز في هذه المجالات نجاحاً ملموساً لا يشكك فيه إلاّ مكابر، إلا ان وضعه في قناة الشروق يخصم كثيراً من ارصدة هذا النجاح ويجعله يتحمّل نتائج فشل هو ليس جزءاً منه أو متسبباً فيه، ولكن صمته لا يعفيه عن تحمُّل المسؤولية وعليه ان يقرأ النقد كما يستمع الى المديح. المؤمل أن تكون الشروق وفق ما خطط لها قناة سياسية اخبارية مختصة ولكنها لم تلتزم بمنصوص هذا الخيار وتحوّلت فجأةً الى قناة منوعات عامة تشكل الاخبار والسياسة جزءاً يسيراً من اهتمامها. تعثرت بعض برامجها وصارت تُعاد باستمرار دون ان يُنتج فيها جديد، كما نقلت افكار بعض البرامج نقلاً حرفياً من قنوات اخرى «كأوتار الحنين» الذي نُقل حرفياً من «موعد في المهجر»، حتى في المؤثرات المستخدمة في البرنامج، «وسوداني» الذي نقل حرفياً من «طرب الليالي» الذي كان يُبث من النيل الازرق ثم نقله التلفزيون القومي من النيل الازرق باسم «ليالي النغم». في تقديري ان الشروق في دورتها المقبلة يجب ان تشرق بوجوه سودانية وبأفكار سودانية وبإدارة سودانية مائة في المائة.. وأن يُستفاد من الاموال التي تُصرف على هؤلاء «الخبراء» في تحفيز العاملين من أهل هذا الوطن الذين من أجلهم نشاهد الشروق.. مع تحياتي لهم جميعاً وأمنياتي للقناة بمزيدٍ من التقدم والازدهار.. وكل عام والجميع بخير وعقبال الشمعة المية.
صحيفة الراي العام