منصور الصويم

مستشفيات طاردة ووزارة نائمة


[JUSTIFY]
مستشفيات طاردة ووزارة نائمة

في ما يلي سأورد قصة روتها الإعلامية المعروفة لمياء متوكل في صفحتها بموقع “فيسبوك”، محاولا بقدر الإمكان نقلها كما هي حتى يتبين للناس الوضع المذري الذي باتوا يحيونه، وحتى تعلم وزارة الصحة بولاية الخرطوم؛ إلى أي حد تدنت قيمة الإنسان في المشافي التابعة لها. اليوم ننقل القصة، وغدا نعقب عليها بإذن الله:

وأنا ذاهبة السابع صباحا إلى الاذاعة شاءت الاقدار ان اصدم طفلة عمرها ثمانية سنوات (جارية شان تلحق امتحان الفقه) كما قالت للمتحري بعد اسعافها.. طفلة غضة تقطع القلب يتيمة نزلت سريعا إلى مستشفي البحيرة لاسعافها…

مشهد أول:

امام مستشفى في حي أم درماني عريق لم يكلف الغفير نفسه لفتح البوابة قال بعفوية (تمشوا الحوداث طوالى ما بنستقبلها هنا..) سريعا تحرك سائق التاكسي الذى اوقفته إلى مستشفى حوداث مشهور.

مشهد ثانى:

بعد عشر دقائق اتى الطبيب الشاب وقام بالفحص ومن ثم طلبوا حقنه مسكنة اشتريناه من الصيدليه ثم الصورة المقطعيه للرأس وهذه من مستشفى خاص وقال لنا ملائكة الرحمة الدكاترة بأن دورهم انتهى وان رحمة الطفلة عند استشاري المخ الذي سيأتى بعد خمس دقائق اي عند منتصف النهار.

مشهد ثالث:

تقدم شرطيان للاجراءات وذهبت إلى قسم مرور أم درمان وقالوا لي ستخرجين بعد حضور التقرير وانا بانتظار الطبيب وعنبر المخ والاعصاب بانتظار الطبيب الاختصاصي الدكتور “ع أ”.. مرت ساعة وساعتان وثلاث وأربع وخمس ساعات واكثر من سبع اصابات بانتظاره، ارواح واطفال وصغار وخالات يتألمن يرقدن بانتظاره ولم يأت… خرجت أنا بضمانة زميلي وجلست بانتظار الاختصاصي الذي لم يأت بعد.. نزلنا مسرعين عند السادسة مساء ودخلنا غرفه نائب مدير المستشفى ، ونحن في حالة هياج بعدم حضور الطبيب وها هي الإجابات لنائب مدير المستشفى الآن:

لو سمحت قلت إن طبيب المخ والأعصاب حايجى بعد دقائق.. رد ايوه جاي دي ورديتو.. قلنا له بصوت واحد بان الخمس دقائق بقت ست ساعات دا مصنع ولى مشفى؟؟؟ رد بانو جاي قلنا ليكم.. قلنا له ديل مرضى وانتو بتتعاملوا مع بشر انتو ما عندكم عوائل اقنعونا لو ماجاي خرجونا.. رد لا حنخرجكم ولا حانديكم التقارير واهو تلفونو مقفول زاتو… ونظر الينا قائلا: اساسا انتو الجابكم هنا شنو؟؟

هذا رد غير مسئول لمسئول على قمة هرم مستشفى بحجم مدينة تفوح منها رائحة الموتى والدم والقذارة والاوساخ المتراكمة والمياه الطافحه ورائحه الديتول واللا عناية واللاصحة في بيت الصحة والمسئولية.. المرضى الذين توسدوا الاسرة البالية والمشمعات المهترئه السقيمة قالوا إنهم بانتظاره منذ خمسة ايام ولم يأت.. وسريعا جرينا إلى السلاح الطبي ولكن شتان مابين الاثنين فتحت الأبواب كأننا في احد الفنادق الخمس نجوم في حوادث السلاح قتلتنا البرودة والنظافة والاضواء المبهرة حتى الدكاترة من قوم اخرين والمرضى لا يشبهون المرضي هناك، وعلى الفور وقف خمسة من الأطباء والطبيبات بزيهم العسكري قلبوا الصور والطفلة وكتبوا التقرير..التقرير الذي لم يأت طبيبة هناك في المستشفى لورديته…

هاتان مستشفيان تفصل بينهما مسيرة عشر دقائق في بلد العجائب والاعجايب السودان في يوم واحد وهناك الملايين الذين ماتوا ولم يرهم طبيب الوردية المتأخر عنها ولا حياة لمن تنادي فقد اختفت ملامح الرحمة والاهتمام..

مشهد أخير:

خرجنا واطمأننا على الطفلة وهى تسأل “كان تجيبونا هنا من قبيل بس البرد شديد”… اطمأننا عليها ومازالت بالقلب غصة والم وغبن للمعاملة والقبح والمرضى بانتظار طبيب الاعصاب والمخ الذي غاب عله يأتي ولكن هيهات.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي