منصور الصويم

خذوا الحياة بجدية وصرامة


[JUSTIFY]
خذوا الحياة بجدية وصرامة

العنوان أعلاه نتاج حوار سريع وناجز وقصير جدا (دردشة) مع الصديق الكاتب والناقد يوسف حمد أبو لجينة؛ ويوسف لمن يعرفه جيدا ويقرأ له ما يخطه من استبصارات وتأملات ناقدة تتماس مع كل شأن حياتي يومي، وفكري إبداعي، نفسي روحاني، سيدرك جيدا مدى العمق الذي يمكن أن تختزنه بضع كلمات قد يرمي بها هنا أو هناك؛ فالكاتب يوسف يأخذ (بدرجة الإنساني) عن من سمي عليه (النبي) تلك القدرة الرؤيوية المتجاوزة التي تضعنا مباشرة أمام التحولات والمآلات غير المرئية بمنظار (الشوف) القاصر، واللامحسوسة وفقا لحركية آليات التفكير السطحية المتمركزة في لحظتها وآنيتها الفانية.. إذن كل كلمة (يوسفية)؛ كتفسيرات الحلم تتطلب (شوية) تمعن وتفكر متأمل.

نعم، يستبطن الحديث (مدح) الروح الكاتبة والناقدة لدى المستبصر والرؤيوي يوسف أبو لجينة، ورفع مستوى التنبيه لهذه (الإشراقات) التي تهبنا لها الكتابة العميقة والثرية، ودعوة للتوقف عندها أكثر و(الغرف) من مباهجها وتفكراتها؛ كما يستلف الحديث إشارة يوسف الذكية حول: (كيف يتعين على المرء أن يأخذ حياته بجدية وصرامة)، وهو أمر يبدو للوهلة الأولى (عاديا) وبدهيا، وأي إنسان بشكل ما يكد ويعمل للأخذ بأسباب (الجدية) حتى تمضي حياته متماسكة لها القدرة على منازلة شراك المصائب المرشحة في طريقها! بيد أن بالتأمل في هذه المقولة العابرة نجدها تضرب – الآن في ما هو أعمق من ذلك، وأعني حين نأخذ بدلالاتها ونسقطها على واقعنا الماثل.. حياة السوداني في فضاء الغباش الزائد انتشارا!

واقع الحياة في السودان يقود إلى التفكك، والتراخي المهين، والذوبان، والواقع المقصود هنا بالطبع هو المجتمعي في إطاره الأسري المديني الريفي وقل القروي.. فما يشهده المجتمع السوداني الآن من ضيق اقتصادي كاسح لا يرحم قد يدفع بالكثيرين إلى القفز إلى الجهة الأخرى (الجنون، الفساد، الإجرام.. الخ) والبعض قد يغادر إلى الأبد، هذا إن لم يتم النظر بجدية وصرامة إلى هذا الواقع المتحول والمتفسخ بصورة فردية أولا من واقع المسؤولية الشخصية، ومن ثم في صورة جماعية تعاضدية يتدارك الناس من خلالها حالات الوهن والضعف التي بدأت في الاستشراء جماعيا قبل أن يأخذ الطوفان الجميع في درب اكتساحه المدمر!

ختام: أن تأخذ الحياة بجدية وصرامة يعني باختصار أن تعي موقعك وموقفك من هذا العالم هذا الوطن.

استدراك: الجدية والصرامة تعني تماسكك وعدم انكسارك أمام القبح، أو استسلامك لغول الفساد.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي