الغموض سيد الموقف
*هذا العنوان استوحيته من تعليق كتبته على لوحة للفنان التشكيلي علاء الدين عبد الرازق نشرها على صفحته بالفيس بوك، لكنني وجدته أكثر تعبيراً عن الواقع السياسي بكل ما يكتنفه من غموض وضبابية ومتاهات سياسية لا أول لها ولا اخر.
*لم نكن نود الحديث عن ما يجري في أديس أببا كي نعطي الفرصة لمهلة الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى لتقريب المواقف المتباينة بين الحكومة والحركة الشعبية الشمالية، إلا أن تصريحات رئيس وفد الحركة الشبية ياسر عرمان الذي طالب فيها بمنح المنطقتين موضوع التفاوض الحكم الذاتي أفسد أجواء التفاوض وأربك المواقف بلا طائل.
*لذك كان رأينا حتى قبل إتفاق نيفاشا 2005 عدم جدوى الإتفاقات الثنائية والجزئية، وقد كتبت في صحيفة السوداني الدولي تحت عنوان “الحوار مع قرنق وحده لايكفي” ، لكن للأسف إستمرت المفاوضات الثنائية والإتفاقات الجزئية تتم في مدن العالم المحيط بنا، ومازالت سيدة الموقف، حتى بعد مبادرة الحوار السوداني الشامل.
*لا ندري ما الذي تم في لقاء لجنة الوساطة الإفريقية مع من حضر من الحركات المسلحة الدارفورية الذي من المقرر أن يكون قد تم أمس في أديس، لكنه وإن تم فإنه لن يجدي ما لم تتفق الحركات المسلحة الدارفورية على كلمة سواء فيما بينها، ونتفق هنا مع ما رشح من ورشة العمل التي عقدت قبل يومين بقاعة الشهيد الزبير من ضرورة اعتماد رؤية إستراتيجية لتحقيق سلام دارفور، بدلاً من تعامل الحكومة بردود الفعل، وعقد الاتفاقات الثنائية التي جربت من قبل وفشلت في تحقيق السلام في دارفور.
*وسط هذه الأجواء الملبدة بالغيوم السياسية يخرج علينا من يطالب الساسة الكبار بالتنحي وكأنهم سبب كل المصائب المحيطة بنا، او من يقول بأن كل الأحزاب حكمت السودان وارتكبت ذات الأخطاء في تعميم مخل وجائر في نفس الوقت، ومكابرة ظاهرة الهدف منها التغطية على الأخطاء الانية، والضائقة الإقتصادية المتفاقمة، والجرائم الغريبة التي طفحت على سطح مجتمعنا، والتعتيم المتعمد على المشاكل بدلا من مواجهتها.
*وسط هذه الأجواء الضبابية يخرج علينا رئيس مفوضية الإنتخابات الدكتور مختار الأصم لافض فوه ليبشرنا بأن الإنتخابات التي من المقرر قيامها في أبريل المقبل تكلف حوال 800 مليون” بالجديد”!! وهي إنتخابات مختلف عليها ومرفوضة من بعض أحزاب المعارضة، وبلا جدوى سياسية .. لأنها لن تحقق التوافق السوداني الأهم ، ولن تحقق السلام المنشود، ولن تحل الضائقة الإقتصادية، ولن تضيف شرعية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في الواقع.
* ليس من مصلحة أي طرف من الأطراف السودانية المدنية والمسلحة إستمرار دوامة الغموض السياسي، والتعامي عن الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأخلاقي والأمني الذي يلقي بكل تقله على كاهل المواطنين بلا رحمة، ونرى أن الأحكام التعميمية الجائرة لن تسهم في حلحلة الإختناقات القائمة، وإنما لابد من إستعجال إستكمال دفع مستحقات الحوار، وإستصحاب كل القوى السودانية بإتفاقاتها ومبادراتها التي تمت في انجمينا وطرابلس واسمرة وجيبوتي والقاهرة وابوجا والدوحة وباريس واديس، ومجموعات الخرطوم الصامدة بالداخل، وقد إستبعدنا مجموعة نيفاشا لأنهم “فرزوا عيشتهم”، والإعتراف بالواقع الماثل بعيداً عن محاولات ” الغطغطة” بلا طائل، وإسراع الخطى لتحقيق التوافق السوداني على رؤية إستراتيجية شاملة للحل السلمي القومي الديمقراطي، قبل أن يتشظى السودان الباقي والعياذ بالله.
*حتي يتحقق ذلك سيظل الغموض سيد الموقف.
[/JUSTIFY]
كلام الناس – نور الدين مدني
[email]noradin@msn.com[/email]