داليا الياس

حملات نسائية

[JUSTIFY]
حملات نسائية

هل يمنحنا الزواج الحق للتدخل في خصوصيات الشريك.. وهل من الحكمة أن نعرف كل تفاصيله وحركاته وسكناته.. وهل من شروط الزواج الصحيح الاطلاع على كل أسرار وخبايا وذكريات الطرف الثانى.. ثم هل يبقى الأمر بيننا على ما هو عليه، إذا ما قدر لنا وتمكنّا من الوقوف على كل الحكايا والأخبار.؟

معظم النساء لديهن فضول كبير لمعرفة كل شيء عن أزواجهن لاسيما خارج المنزل.. ليس لأنهن يشككن فيهم فحسب ولكن لأن الفطرة النسائية لا تكتفي إلا بأدق التفاصيل عن المشاعر والأفكار وخطوط السير والصداقات والمشاريع وحتى الأحلام. وتتمنى الواحدة منا أن تعرف كل ما يدور في ذهن زوجها, وتود لو كان باستطاعتها أن ترى حتى أحلامه وهو نائم.!!

# أحياناً.. لا يتوقف هذا الفضول عند حدود الملاحظة أو الأمنيات فحسب.. ولكنه يتحول لبرنامج ثابت يشتمل على التفتيش الدوري للجيوب والحقائب وأدراج السيارة والجوالات والحواسيب.. بالإضافة للتنصت على المكالمات التلفونية والإلحاح في السؤال والاستفسار عند الخروج والعودة عن كل ما قام به خلال يومه.

ورغم أن الغالبية منا لا يجدن ما يزعجهن بعد كل هذا البحث الدقيق، ألا أنهن لا يقبلن بتلك النتيجة وكأنما الواحدة لا تستريح أو يهدأ لها بال إلا إذا أثبتت على زوجها تهمة الخيانة العظمى على غير المفروض.!! فإذا ما سئلت الواحدة عما تبحث عنه بكل تلك الدقة واليقظة، قد لا تجد ربما إجابة منطقية للسؤال.

فالحقيقة أنها لا تبحث عن شيء معين بالتحديد, ولكنها تعمد للبقاء متربصة وواعية لكل ما يمكن أن يحدث ويتطاول على مقامها الزوجي الرفيع في حياة زوجها الذي قد لا يكون حسب اعتقادها ومخاوفها – حريصاً عليه كما يجب.

ومهما اتسم بعض الأزواج بالتفاني والإخلاص والحرص على مشاعر وسعادة زوجاتهم وأبنائهم.. وبدا في جميع تصرفاتهم أنهم يضعون بيوتهم على رأس قائمة أولوياتهم ولا يعنيهم سوى ضمان الاستقرار والحياة الكريمة اللازمة لسعادة أسرهم, إلا أنهم يظلون في دائرة اتهام زوجاتهم الفضوليات المتوجسات.. وفي الغالب يكون الزوج على دراية بما تقوم به زوجته، فيسلم أمره لله ويتعايش مع قلقها ووساوسها تلك على اعتبار أنها مغلوبة على أمرها ومدفوعة لكل ذلك بالحب والاهتمام والغيرة.

ولكن بعضهم يكون منزعجا من تلك الملاحقة وذلك التفتيش، ولا يلبث أن يتحول انزعاجه ذلك إلى ضجر وضيق واستياء.. ثم لا يلبث صبره أن ينفد فتجده يتمرد على ذلك الحصار وقد تجده مدفوعاً برغمه للسير في طريق الخيانة الذي هيأه له فضول زوجته, ثم يحلو له ممارسة لعبة الذكاء معها متحدياً فضولها وممارساتها العقيمة للإيقاع به منتصراً لقدراته الذكورية الفطرية في الهروب من الفخ المنصوب له.!!

وبهذا تكون تلك الزوجة البوليسية السبب المباشر في انحراف زوجها عن الخط الذي رسمته له دون أن يفيدها تسلطها شيئاً.

فلماذا لا نترك لأزواجنا المجال ليمنحونا إخلاصهم الكامل بمحض إرادتهم؟.. لماذا لا ندع الماضي للماضي والمستقبل للمستقبل ونحيا في حدود الحاضر بكل الاحترام والثقة والمودة والسكن؟.. أعتقد أن الزواج لا يمنحنا الحق في الحجر على حريات ومشاعر وصداقات وهوايات وأحلام الشريك.. ولكنه يلزمنا بمعاونته على التميز والنجاح والرضا.

وربما لا يعود علينا ذلك الفضول المقيت الذي تنفر منه النفس البشرية السوية، إلا بالنفور والجفوة والتعاسة، فبعض الفضول يكشف لنا ما كان الجهل به أرحم, أو يدفعنا للدخول في حرب زوجية لا حاجة لنا بها على الإطلاق.

* تلويح:

بعض الأسرار.. معرفتها أقسى من الجهل بها.!!

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي