سقوط الأقنعة
# أن يطعنك صديق خلف ظهرك.. هذا أصبح أمراً معتاداً، أما أن تعطيه أنت الخنجر الذي سدده لك طائعاً مخ
فهذا هو الغريب، والمرفوض، وليس له تفسير سوى أنك ساذج في زمن باتت فيه السذاجة عيباً ودليلاً على الغباء وفرصة للاستغلال والسخرية، وما عادت مؤشراً على البراءة والنقاء وصفاء النية.
هذا ببساطة من فرط ما نمنحه لبعض الناس من ثقة لا يستحقونها، وما نعاملهم به من طيبة ونبل لا يقدرونه ولا يدركون معناه لأنهم في الأساس خارجون من رحم الجحود مفتقرين لأبسط قواعد الأدب والأخلاق الحميدة والمبادئ، وعندما قيل «رد الجميل صعب» كان ذلك يعني تماماً المعنى المقصود حرفياً، غير أن النفوس العظيمة وحدها هي التي تراه صعباً، أما النفوس الوضيعة فلا تراه كذلك لأنها ببساطة لا تفكر في رده يوماً!
# إذن، احترسوا في هذه الأيام من أصدقائكم ومعارفكم وكل من يدعي أنه مخلص لكم، فالإخلاص لم يعد مجرد عبارة نتداولها ولا ابتسامة معلقة على الوجه ولا زيارات متواصلة ولا عناق في ظاهره حميم. لقد كان الإخلاص ولا زال، في أسمى معانيه يترجم كيف أن بإمكان أحدهم أن يحفظك حاضراً وغائباً وينصّب نفسه للدفاع عنك حتى دون علمك وأن يحرص على مشاعرك ويراعي إحساسك ويحبك دون زيف وبلا مقابل. ولكن أن يأتيك بخبر منقول عن من لاك سيرتك واغتابك واتهمك بما ليس فيك فهذا ليس من الإخلاص في شيء، إنه يعرف الآن بـ (كسير التلج) لأن مصلحة ما تستدعي منه أن يبقي على صلته الطيبة – ظاهرياً – بك، أو لأنه سارع لإطلاعك على أمر كان هو نفسه شريكاً فعلياً فيه، وربما هو نفسه من أطلق حولك الأقاويل ورماك بما ليس لك به علم.. فاحترسوا.
وتبينوا أيضاً.. حتى لا تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. تحروا الأمور- لا سيما المنقولة همساً – وأعلموا أن الناقل سيُنقل عنه عنه يوماً لا محالة، فهو قطعاً لم يكن مستمعاً فقط في تلك الجلسة التي أكل فيها لحمك نيئاً!!
# أما الطامة الكبرى فهي أن تتداعى علاقة صداقه- أو هكذا يفترض أن يكون اسمها- عمرها عشرات السنين لأسباب ضعيفة، لتكتشف أنت كم كنت واهماً وطيباً حد (الهبالة) حينما حفظت الوداد طويلاً وراعيت لهذه العُشرة التي لم تكن تستحق كل ما بذلته لها من رعاية وما كانت تقتات عليه من عطائك، إذ أنها كثيراً ما أخذت من وقتك واهتمامك وحتى عمرك وممتلكاتك ثم سقطت الأقنعة في أول مواجهة لتتعرى الوجوه وتطلق عبارات المن والأذى وتكتشف – متأخراً جداً – أن أحدهم بدأ يعايرك بجميل متواضع قد فعله لأجلك يوماً ما في زمان غابر وظل من فرط نفاقه وزيفه يحفظه بقلبه الأسود ليستعين به على إذلالك في يوم ينتظره هو سلفا على أحر من الجمر ليغتال فرحتك بالنجاح متناسياً كل مافعلته لأجله من خير ومبادرات طيبه وإيجابيه.
لماذا؟.. لأنك ببساطة أفضل منه في كل شيء… وهي ليست أفضلية جاه وسلطان وانجاز فحسب، ولكنها أفضلية طيبة ونقاء ونجاح وأصل طيب وروح سمحة ومستقبل واعد والحمد لله.
# فلا تبكي على من لا يستحق، ولا ترهق نفسك باجترار ذكريات ورقية لم تكن صادقة في شيء، وامحو كل المتسلقين ادعياء الصداقة الزائفة الذين استخدموك لتحقيق أغراض شخصية من ذاكرتك تماماً غير مأسوف عليه..
وافرح لأن الله قد سبب الأسباب لتصحو من غفلتك وترى الوجوه من حولك بلا أقنعة في لحظة كنت أنت فيها الأقوى والأفضل بحساباتهم الدنيوية الزائلة فلم يطيقوا صبراً واستلوا خنجراً مخبوءاً وبحثوا عن مكان واهٍ في تاريخك ليسددوه لك وهم لا يعلمون أن ذلك التاريخ قد كان الدافع الأساسي لتمضي قدماً وتتجاوزهم كماً وكيفاً وهم قابعون في مكانهم يندبون حظهم العاثر ويتلظون بنار أحقادهم الدفينة التي لن تصيبك، بإذن الله، بسوء، غير أنها تدفيء أيامك وتزيدك قدرة على التمييز وتؤهلك لتكون صاحب فراسة نافذة لتعي الدرس وتتعلم كيف تفرق بين الصالح والطالح.
# وستكتشف حتماً أن حولك الكثير من الرائعين المخلصين الذين يغنونك تماماً عن هذا النموذج الفاشل الحاقد، فتحمد الله وتمضي في طريقك مرفوع الرأس، دون أن تنتبه لهذا الذي سقط من حياتك.
} تلويح:
اللهم قني شر أصدقائي.. أما أعدائي فشكراً لأنهم بلا أقنعة !
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي